تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - أن يعمد من شاء من أهل الأهواء إلى تحريف نصوص القرآن والسنة المتواترة أو تأويلها بحجة أنها غير صريحة في دلالاتها، وإن كانت قطعية الثبوت وهذا أمر واقع.

2 - وأن يعمد أهل الأهواء إلى الأحاديث الصحيحة المتلقاة بالقبول من الأمة بما في ذلك أخبار الصحيحين فيدفعوا في نحورها ولا يحتجوا بها في أبواب الاعتقاد لأنها غير قطعية الثبوت وإنما هي من الظنيات، وما كان كذلك فلا يجوز أن يبنى عليه الاعتقاد ولا الإيمان بالغيبيات.

ومن هنا يقول محمد عبده:" وشرط صحة الاعتقاد ألا يكون فيه شيء يمس التنزيه وعلو المقام الإلهي عن مشابهة المخلوقين، فإن ورد ما يوهم ظاهره ذلك في المتواتر وجب صرفه عن الظاهر، إما بالتسليم لله في العلم بمعناه مع اعتقاد أن الظاهر غير مراد أو بتأويل تقوم عليه القرائن المقبولة (1) ".

وأنت ترى أنه لا يسلّم بظاهر المتواتر، فهذا هو موقفه من السنة: لا يجب على عموم النّاس التصديق بكل حديث صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بل بما تواتر عنه، وأنه يقتصر في الاعتقاد على ما هو صريح في الخبر، وباب التأويل والتحريف مفتوح ودعاوى عدم الصراحة سهلة جداً لمن يريد الخروج عن معتقدات السلف الصالح إلى معتقدات أهل الأهواء.

ويقول:

"أما أخبار الآحاد فإنما يجب الإيمان بما ورد فيها على من بلغته وصدق بصحة روايتها.

أما من لم يبلغه الخبر أو بلغه وعرضت له شبهة في صحته وهو ليس من المتواتر فلا يطعن في إيمانه عدم التصديق به، والأصل في جميع ذلك أن من أنكر شيئاً وهو يعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدَّث به أو قرره فقد طعن في صدق الرسالة وكذب بها" (2).

ومقتضى كلامه:


(1) رسالة التوحيد (ص:158).…
(2) رسالة التوحيد (ص: 158).

أنه إذا بلغته أخبار الآحاد ولم يصدق بصحتها -ولو كانت مما قرر صحتها أئمة الحديث والسنة وسلموا بها ودانوا بما فيها من عقائد وعمل- فإن عدم تصديق هذا المتحرر لا يطعن في إيمانه، وله الحق أن يردها ويكذب بها، ولو كانت في الصحيحين وتلقتها الأمة بالقبول، وله ردها عند عارض أي شبهة فلا يلزمه النظر إلى الأسانيد ولا التقيد بها، مهما بلغت من الصحة وتوافرت لصحتها الشروط، فعقول العقلانيين فوق كل اعتبار.
ثم قال: "ويلحق به من أهمل العلم بما تواتر وعلم أنه من الدين بالضرورة وهو في الكتاب وقليل من السنة في العمل" (1).
إلى أن قال: " والأصل في ذلك أن الإيمان هو اليقين في الاعتقاد بالله ورسله واليوم الآخر بلا قيد في ذلك إلا احترام ما جاء به على ألسنة الرسل" (2). يعني: لا حرج على من أهمل غير المتواتر من السنن القولية والعملية والتقريرية مهما بلغت من الصحة، وتَلَقِّي الأمة لها بالقبول سواء تعلقت بالعقائد أو الأعمال.
ومعلوم أن هذا الصنف ينكر المتواترات ويردها بدعوى أنها أخبار آحاد مثل: نزول عيسى (3)، وخروج المهدي، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدجال (4)، وأحاديث فتنة القبر وعذابه، وأحاديث الشفاعة، وأحاديث
رؤية الله في الدار الآخرة، إلى عقائد أخرى ثبتت بالتواتر فردَّت أحاديثها بحجة أنها أخبار آحاد.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير