تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - كلام محمد عبده هنا عن فهم الأمة للقرآن فيه استخفاف بتراث الأمة العظيم من تفسير وفقه وشروح حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وأنه تعبير عن آرائهم وفهمهم وأن هذا الفقه والفهم قد أزهق روح الشريعة وذهب بحكمتها. ولعله يريد بالإصلاح الذي لا بد منه إصلاحه هو وشيخه الأفغاني ومدرستهما، وقد عرف القارئ نبذة من هذا الإصلاح الذي يحق لمن يعرف الإسلام أن يقول: إن إصلاحكم المزعوم هو المزهق لروح الإسلام بعد التهوين من شأن نصوصه وبعد تأويلاتها الفاسدة التي هي أشبه بتأويل الباطنية.

4 - لم يكتف محمد رشيد رضا بنقل هذا الكلام الباطل فذهب يلقن الطاعنين في السنة حُجَّتهم بقوله: "ولأهل هذا التأويل أن يقولوا: إن هذه الأحاديث قد نقلت بالمعنى كأكثر الأحاديث والناقل للمعنى ينقل بفهمه".


(1) تفسير المنار (3/ 316 - 317).

وهذا طعن ماكر في السنة ونقلتها الأمناء، وإهدار لأمانتهم وحفاظهم على السنة المحمدية بطرق محكمةلم تعهدها البشرية طوال تاريخها، وتشكيك في السنة متواترها وآحادها، وتلقين لأعداء السنة أن يتخذوا هذه المقولة الباطلة سلاحاً لمحاربة السنة وأهلها، وقد اتخذوها فعلاً سلاحاً، ولكن الله يردُّ أسلحتهم الفاسدة في نحورهم بنضال أهل السنة وحججهم الساطعة وبراهينهم القاطعة.
وفعلاً فلقد نقل أبو رية عن رشيد رضا كلاماً في الطعن في رواية من اشتهر بالصدق والضبط -ومنهم بعض الصحابة كأبي هريرة وابن عباس- وأنها تُرَدُّ بالطعن فيها أو بالتأويل ومن ضمن هذا الكلام قوله:
" وإما بتأويل الحديث بأنه مروي بالمعنى وأن بعض رواته لم يفهم المراد فعبر بما فهمه .... ".
فردَّ عليه العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي في كتابه "الأنوار الكاشفة" (1) باثنتي عشرة مؤاخذة، قال في العاشرة:
"إن هذا الطعن يترتب عليه من المفاسد ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وهي المكيدة التي مرت الإشارة إليها (ص:201) وإيضاحها قبل ذلك، وكل من التأويل ولو مستكرها والوقف أسلم من هذا الطعن، ولو غير السيد رشيد رضا قاله لذكرت قصة المرأة التي اشتكى طفلها، ولم تعلم ما شكواه غير أنها نظرت إلى يافوخه يضطرب كما هو شأن الأطفال، فأخذت سكيناً وبطت يافوخه كما يصنع بالدمل ... إلى آخر ما جرى " أي: أن في كلام محمد رشيد رضا هذا قتلاً للشريعة الإسلامية كما قتلت هذه المرأة ابنها.
وبعد، فلقد فتح جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده باب فتنة عظيمة ومحنة كبيرة على الإسلام كتاباً وسنةً وتراثاً إسلامياً، وخلَّفا مدرسة فكرية عقلانية جمعت بين ضلال الفرق القديمة من روافض ومعتزلة وجهمية، ومن تحريفات وتأويلات باطلة، ومن طعون في السنة وحملتها بدءاً بالصحابة وانتهاء بأهل الحديث والفقه والتفسير، وبين حملات أعداء الإسلام المستشرقين والمستعمرين على الإسلام والمسلمين.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير