وكذلك ثبت عن النبي ? مصرحاً به أنه قال: " لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه " صحيح البخاري ومسلم من كتاب الصيام , وقد روى الترمذي عن أبى هريرة عن النبي ? أنه قال: " أحصوا هلال شعبان لرمضان " من سنن الترمذي والمستدرك. (من أحكام القران)
يقول الإمام القرطبي رحمه الله:
المسالة العاشرة: إذا رؤى الهلال كبيراً فقال علماؤنا: لا يعول على كبره ولا على صغره وإنما هو ابن ليلته.روى مسلم عن ابن البخترى، قال: خرجنا للعمرة فلما نزلنا ببطن قال: تراءينا الهلال
فقال بعض القوم: هو ابن ثلاث، وقال بعض القوم هو ابن ليلتين قال فلقينا ابن عباس فقلنا: إنا رأينا الهلال فقال بعض القوم هو ابن ثلاث وقال بعض القوم هو ابن اثنتين.
فقال أي ليلة رأيتموه قال: فقلنا ليلة كذا وكذا.
فقال إن رسول الله ? قال: " إن الله مده للرؤية " فهو لليلة رأيتموه.
وفي هذا الباب يقول الامام ابن القيم رحمه الله في كتاب اغاثة اللهفان:
فصل العمل بالقرعة في الطلاق ص 170 الجزء الاول:
(كما لو طلع الهلال في نفس الأمر ولم يره أحد من الناس , أو كان الهلال تحت الغيم , فإنه لا يترتب عليه حكم الشهر , ولا يكون طالعاً في حكم الله تعالى , وإن كان طالعاً في نفس الأمر , ونظائر هذا كثير).
قال ابن العربي في كتابه أحاكم القرآن:
المسألة الثالثة: قوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} معمل على العادة. بمشاهدة الشهر , وهي رؤية الهلال , وكذلك قال ?: " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته ".
وقد زل بعض المتقدمين فقال: يعول على الحساب بتقدير المنازل حتى يدل ما يجتمع حسابه على أنه لو كان صحواً لرؤى لقوله ?: " فإن غم عليكم فاقدروا له " معناه عند المحققين فأكملوا المقدار، ولذلك قال: " فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوماً " وفي رواية " فإن غم عليكم , فأكملوا صوم ثلاثين ثم افطروا " رواه البخاري ومسلم.
وقال الإمام أبي الطيب صديق بن حسن بن علي الحسيني صاحب كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية في كتاب الصيام:
وفي الأنوار وإذا رؤى الهلال بالنهار يوم ثلاثين فهو لليلة المستقبلة (وإكمال عدة شعبان) لحديث أبى هريرة في الصحيحين وغيرهما قال: قال رسول الله ?: " صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وفي الحجة البالغة لما كان وقت الصوم مضبوطاً بالوقت القمري باعتبار رؤية الهلال وهو تارة ثلاثين يوماً وتارة تسع وعشرون وجب في صورة الإشتباه أن يرجع إلى هذا الأصل وأيضاً مبنى الشرائع علي الأمور عند الأميين دون التعمق والمحاسبات النجومية بل الشريعة واردة باخمال ذكرها وهو قوله ?: " إنا امة أمية لا نكتب ولا نحسب " إ. هـ. من كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[28 - 08 - 09, 08:29 م]ـ
جزى الله الشيخ الدكتور شرف القضاة على هذا البحث القيم. وللعبد الفقير ملاحظتين عليه:
قال الشيخ عن اعتماد الحساب للنفي دون الإثبات: "ولكننا لو دققنا في هذا الرأي لم نجد له ما يؤيده لا شرعيا ولا علميا، فالنصوص الشرعية لم تفرق بين النفي والإثبات في الأخذ بالحساب والتقدير، وبخاصة حديث (فإن غم عليكم فاقدروا له) ففي الحديث أمر بالتقدير لإثبات الشهر، وليس لنفي الشهادة، وأما علميا فلا فرق في دقة الحساب وقطعيته بين حساب إثبات دخول الشهر، وحساب نفي دخوله."
وهذا غير صحيح، فهناك ما يؤيده شرعياً وعلمياً. أما شرعياً فهذا الرأي يعتمد على الرؤيا البصرية وحدها لكن عند أخذ الشهادة يحتاط القاضي بأن لا يأخذ شهادة يعلم قطعاً بطلانها. وهذا مبدأ ليس جديداً. أما علمياً فإن الحساب غالباً يخبر إن كان من الممكن رؤية الهلال من عدمه لكنه أحياناً لا يقدر أن يحدد في مكان ما إن كانت الرؤية ممكنة أم لا، بل يخبر أن الرؤية صعبة ومشروطة بظروف معينة. عندها يعسر الاعتماد على الحساب وحده.
وقال: "والصحيح علميا أن رؤية الهلال في منطقة تعد رؤية للبلاد الواقعة على خط الطول نفسه، وللبلاد التي تقع غرب ذلك الخط من باب أولى، عدا مناطق القطبين. "
أقول: الأمر ليس بهذه البساطة. نعم، إذا رؤي الهلال في منطقة، فيمكن رؤيته في أي منطقة أخرى غربها على نفس خط العرض (أما إذا ذهبنا شمالاً أو جنوباً فقد لا يُرى)، بافتراض توفر ظروف الرؤية المناسبة (كعدم وجود غيم). والخرائط التي نضعها عادة لرؤية الهلال تظهر هذا بوضوح.