ويصفهم بأنهم أعاجم.
فهل يجوز لمحدث المغرب أن يعير إنساناً بأن أصله غير عربي وقد قال ? لأبي ذر عندما عير بلالاً بأمه بقوله ياابن السوداء قال له " أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية " أخرجه البخاري في الإيمان باب المعاصي من أمر الجاهلية، والله سبحانه وتعالى يقول:
? يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ? (الحجرات: 13)
ثم إنه من المعلوم أن محمد بن إسماعيل البخاري هو من بخارى ومحمد ابن ماجه هو من قزوين وأبو داود هو من سجستان والنسائي من نسا والترمذي من ترمذ وأبو حنيفة النعمان بن ثابت هو فارسي فهؤلاء كلهم ليسوا عرباً وقد سخرهم الله سبحانه وتعالى لنقل ديننا وحفظه لنا والذب عنه من أعداء الدين.
وقال محدث المغرب في مقدمته: وتطاول (أي الألباني) على مقام أكابر الحفاظ كالمنذري الحافظ المتقن رحمه الله تعالى وغيره بدون أدنى سبب يوجب ذلك التطاول على مقامهم في خدمة الحديث النبوي.
أقول: هل يجوز لمحدث المغرب الافتراء على الألباني أو غيره بأنه يتهجم على أكابر الحفاظ كالمنذري وغيره دون دليل علماً بأن كتب الألباني مليئة بنقوله عنهم مع تأدبه معهم أجمعين بل وحثَّ قراءَه وأتباعَه على احترامهم حتى في حال مخالفتهم، ونسي المسكين أنه بمؤلََّفه هذا والمؤلَّف الذي يدافع عنه قد تطاول فيه على الأمة الإسلامية بأسرها التي أجمعت على رد حديث الحارث الأعور وعمد إلى توثيقه، ثم يتهم العلماء تارة بالعداوة لهذا الكذاب وتارة بالغفلة والتقصير في العلم والفهم وخاصة أصحاب الصحيحين (أصح كتابين بعد كتاب الله) لعدم رفعهما هذا الحارث الأعور الكذاب من الحضيض في مراتب الحديث وتقديمه على جميع رجال الصحيح.
فهل يسلك هذا المسلك من كان من أبناء جلدتنا ومن قال لا إله إلا الله مخلصاً بها من قلبه؟
والآن لنتتبع جميع الإشكالات التي أوردها هذا الغماري في رسالته ونرد عليها بما يناسبها من العلم ثم بعد ذلك نورد ماقاله أهل العلم في الحارث الكذاب في كتب التراجم.
وعند الإشارة إلى رقم الصفحة يلاحظ أننا لم نبدأ بالصفحة رقم 1 لأن الرسالة مطبوعة عقب رسالة أخرى لقريبه عبد الله الغماري فهي تبدأ من الصفحة رقم 29.
1 - قال الغماري ص30:
لأن الحارث الأعور الهمذاني الذي وثقته وبينت بطلان جرح من جرحه مَثلُه مثَلُ سائر رواة الصحيح الذين اختلف فيهم أئمة الجرح ما بين مادح وقادح ومجرح وموثق كما يعلم ذلك من تتبع أحوال رجال الصحيحين .....
بل من يتتبع أحوال الرجال ويطلع على كتب الجرح والتعديل يحصل عنده العلم اليقين أنه لا يوجد راوٍ مهما علا قدره وسمت منزلته لم يتناوله جرح ولو بالتدليس مثلاً .... وإذا كان هذا حال سائر الرواة إلا النادر منهم جداً فلا ينبغي أن يحمل باللوم على من اختار توثيق الحارث.
أقول: هل تقارن الحارث الأعور الكذاب الذي أجمعت الأمة على طرح حديثه برجال الصحيحين كمالك وابن اسحاق اللذين اختصما فجرح كل منهما الآخر مما يعبر عن الخصومة فنبذ أهل الجرح والتعديل كلامهما هذا واعتبروه كأن لم يكن ولم يؤثر ذلك على توثيقهما وأما الحارث الأعور فقد كذبه الشعبي في الرواية وهو ما زال يتردد عليه ليتعلم منه الفرائض والحساب ووصفه بأنه من أحسب الناس إذن كذبه الشعبي ديانة لا عداوة وبقي عنده ليتعلم منه ما يجيده من العلوم سوى الرواية التي تعتمد على الصدق والحفظ.
ثم إن اختيار التوثيق ليس مزاجياً وإنما ينضوي تحت قواعد وضوابط معروفة في علم الحديث فإذا كان التضعيف مثلاً لعداوة أو لعمل يقوم به الراوي وهو مباح في مذهبه لكنه محرم في مذهب الجارح أو لخطأ أخطأ فيه راوٍ بحديثٍ أو حديثين بجانب كمٍّ هائل من أحاديث يرويها على وجهها فيرد تجريحه وأما توثيق الحارث فليس هو من هذا القبيل إنما هو مخالفة متعمدة لقواعد الحديث وضرب بكلام علماء الجرح والتعديل عرض الحائط.
2 - يقول عن كتابه " الباحث عن علل الحارث " ص31:
" الكتاب الذي أعجب به كل من قرأه من أهل العلم السالمين من داء الشغب والشغف بنشر الخلاف بين المسلمين ".
أقول يعجب به فريقان لا ثالث لهما:
¥