تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" ولا يخرج تكذيب الشعبي له عن أن يكون من كلام الأقران في بعضهم بعضاً و ذلك معروف مشهور بين أهل العلم وعقد له ابن عبد البر في جامع بيان العلم بابا خاصاً استوفى الكلام فيه على ذلك، انظر 2/ 150 منه ".

أقول: لقد عقد ابن عبد البر هذا الباب في 2/ 184 من الطبعة الثانية له طبع المكتبة السلفية و لخصه 2/ 186 بما يلي: قال أبو عمر " هذا باب قد غلط فيه كثير من الناس وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ماعليها في ذلك. و الصحيح في هذا الباب أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته ببينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قبوله من جهة الفقه والنظر وأما من لم تثبت إمامته ولاعرفت عدالته ولاصحت لعدم الحفظ والإتقان روايته فإنه ينظر فيه إلى مااتفق أهل العلم عليه ويجتهد في قبول ماجاء به على حسب مايؤدي النظر إليه.

و الشعبي اعترف بتقدمه في الفقه والفرائض والحساب لذا واظب على تعلمها منه وقد قيل للشعبي كنت تختلف إلى الحارث قال نعم أختلف إليه أتعلم منه الحساب كان أحسب الناس.

إذن هذا ليس من كلام الأقران بعضهم في بعض فكلام الأقران في بعضهم يأتي عند الغضب و لايأخذه أهل الحديث على محمل الجد. أما الشعبي فعلى الرغم من تكذيبه له كان يختلف إليه ليتعلم منه الفقه والفرائض والحساب ولا أثر هنا للخصام بل الرجل قد واظب على الاستفادة من الحارث في الحساب.

و الحارث كما سنرى في نهاية هذه الرسالة إن شاء الله قد ضعفه حوالي خمسون إماماً وعدله منهم ثلاثة هم ابن معين و النسائي وأحمد بن صالح المصري، تراجع الاثنان الأولان عن تعديله وضعفاه بأصرح عبارات التضعيف مع إصرار الثالث على توثيقه مع وصفه بأنه كان يكذب في رأيه أي في حديثه مع الناس وهذا مما لايقبله حتى الغماري ويرفض حديثه لأن الغماري يقول في ص 44 من رسالته هذه التي ننتقدها بقوله: لأن المقرر عند أهل الحديث أن الراوي إذا كان يكذب في لهجته و كلامه ولا يكذب في حديثه فروايته أيضاً غير مقبولة لأن العدالة لا تتجزأ ولا تتبعض فلا يكون الراوي ثقة عدلاً في جهة و كذاباً فاسقاً في جهة أخرى.

26 - و قال الغماري ص 39:

" ومعلوم أن الحارث كان أعلم بحديث علي - عليه السلام - من الشعبي فلما سمع منه ما لم يبلغه من حديث علي عليه السلام - سارع إلى تكذيبه و هكذا حاله حتى مع الصحابة فكيف بالحارث. فقد نقل الحافظ الذهبي في ترجمة الشعبي من " تذكرة الحفاظ " 1/ 83 عن الحاكم عن ربيعة بن يزيد قال: قعدت إلى الشعبي بدمشق في خلافة عبد الملك فحدث رجل من الصحابة عن رسول الله ? أنه قال: اعبدوا ربكم و لاتشركوا به شيئاً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الأمراء فإن كان خيراً فلكم و إن كان شراً فعليهم و أنتم منه براء " فقال له الشعبي كذبت. فهذه القصة فيها دليل بين على أن الشعبي كان سريع التكذيب لمن حدث بما لم يبلغه. فمن جعل طعن الشعبي في الحارث بالكذب حجة فليجعله في تكذيب هذا الصحابي كذلك مع أني أكاد أجزم بأن تكذيب الشعبي للحارث إنما هو من جهة رأيه لا غير.

أقول: يا فضيلة الشيخ أخطأت في الفهم وفي الاستدلال وغالطت في الاستنتاج بأمور:

1 - هذا الكلام غير صحيح ولاعبرة لردة فعله في حادثة أو حادثتين (لو صحت و هذا لم يصح كما سنبينه) و إلا لما عدَّ من أهل الجرح والتعديل ولم يقبل كلامه أصلاً في جرح أو تعديل أي راوٍ إذا كان هذا طبعه ثم لم يتفرد بتضعيف الحارث كما سنبينه فيما بعد.

2 - الذهبي نقل هذه القصة في مآثر الشعبي و ليس في مساوئه و لم يستنتج مااستنتجته أنت منها فقد نقل قبلها و بعدها أقوالاً تدل على فهمه و حيطته منها:

* مولده أثناء خلافة عمر في ما قيل كان إماماً حافظاً فقيهاً متفنناً ثبتاً متقناً.

* وروى عن علي فيقال مرسل وعن عمران بن حصين وجرير بن عبد الله وأبي هريرة وابن عباس وعائشة وعبد الله بن عمر وعدي بن حاتم والمغيرة بن شعبة وفاطمة بنت قيس وخلق.

* قال أحمد العجلي مرسل الشعبي صحيح لا يكاد يرسل إلا صحيحاً.

* عن الشعبي قال أدركت خمسمائة من أصحاب النبي ?.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير