" حاصل هذا الْبَاب أَنَّ مُسْلِمًا - رَحِمَهُ اللَّه - اِدَّعَى إِجْمَاع الْعُلَمَاء قَدِيمًا وَحَدِيثًا عَلَى أَنَّ الْمُعَنْعَن، وَهُوَ الَّذِي فِيهِ فُلَان عَنْ فُلَان مَحْمُولٌ عَلَى الِاتِّصَال وَالسَّمَاع إِذَا أَمْكَنَ لِقَاءُ مَنْ أُضِيفَتْ الْعَنْعَنَة إِلَيْهِمْ بَعْضهمْ بَعْضًا يَعْنِي مَعَ بَرَاءَتِهِمْ مِنْ التَّدْلِيس. وَنَقَلَ مُسْلِم عَنْ بَعْض أَهْل عَصْره أَنَّهُ قَالَ: لَا تَقُوم الْحُجَّةُ بِهَا، وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الِاتِّصَال، حَتَّى يَثْبُت أَنَّهُمَا اِلْتَقَيَا فِي عُمُرِهِمَا مَرَّةً فَأَكْثَرَ، وَلَا يَكْفِي إِمْكَانُ تَلَاقِيهِمَا. قَالَ مُسْلِم: وَهَذَا قَوْل سَاقِط مُخْتَرَع مُسْتَحْدَث، لَمْ يُسْبَقْ قَائِلُهُ إِلَيْهِ، وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِهِ بِدْعَةٌ بَاطِلَةٌ وَأَطْنَبَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّه - فِي الشَّنَاعَة عَلَى قَائِله، وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّه - بِكَلَامِ مُخْتَصَرِهِ: أَنَّ الْمُعَنْعَن عِنْد أَهْل الْعِلْم مَحْمُول عَلَى الِاتِّصَال إِذَا ثَبَتَ التَّلَاقِي، مَعَ اِحْتِمَال الْإِرْسَال، وَكَذَا إِذَا أَمْكَنَ التَّلَاقِي. وَهَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ مُسْلِم قَدْ أَنْكَرَهُ الْمُحَقِّقُونَ، وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي صَارَ إِلَيْهِ ضَعِيفٌ، وَاَلَّذِي رَدَّهُ هُوَ الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة هَذَا الْفَنّ: عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ، وَالْبُخَارِيّ وَغَيْرهمَا. وَقَدْ زَادَ جَمَاعَة مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا؛ فَاشْتَرَطَ الْقَابِسِيّ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَدْرَكَهُ إِدْرَاكًا بَيِّنًا، وَزَادَ أَبُو الْمُظَفَّرِ السَّمْعَانِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِيّ؛ فَاشْتَرَطَ طُولَ الصُّحْبَةِ بَيْنَهُمَا، وَزَادَ أَبُو عَمْرو الدَّانِيّ الْمُقْرِي؛ فَاشْتَرَطَ مَعْرِفَتَهُ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ ".
قلت: فمن العجيب أن يقول الألباني ـ رحمه الله ـ هذا، ومن الأعجب أن تلميذه شيخنا أبا إسحاق الحويني تبعه في ذلك و رجح مذهب مسلم.
وأما قول الألباني ـ رحمه الله ـ أن مسلماً يشير في مقدمة صحيحه أن الإمام البخاري نفسه لا يستطيع أن يطبق هذا المنهج في أحاديث صحيحه فضلاً عن أحاديث رواها في خارج صحيحه. اهـ
قلت:
(1) لم أر هذا في مقدمة الصحيح.
(2) البخاري طبق هذا المنهج في صحيحه، حتى أنه أحياناً يذكر حديثاً ليبين سماع راو من شيخه قد رواه عنه في موضع آخر بالعنعنة.
(3) المعروف أن هذا من شرط البخاري في صحيحه دون سائر كتبه.
أقول: لكن إذا كان تضعيف المتقدم مسبباً، و لم نر من معاصريه من وافقه أو خالفه، و استطاع المتأخر أن يبين أن سبب التضعيف واهٍ، أفلا يُعتمد قول المتأخر في هذه الحالة؟
و ربما دل على ذلك ما تفضلتم بنقله عن الشيخ الشريف حاتم العوني: " رد كلام الأئمة على الأحاديث مزلة قدم، ولايقبل الا بالدليل الناصع."
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[01 - 01 - 08, 11:39 م]ـ
جزى الله خيرا الأخ الفاضل الشيخ أمجد الفلسطيني
وعندي بعض الملحوظات أرجو أن يتسع صدرك لها
أولا: ما المانع أن يكون الحكم في ذلك إلى القرائن والأدلة
فمع الاتفاق إلى سبق علم السلف في علمهم وحفظهم لكن لا يسلم لهم في كل صغيرة وكبيرة فربما يقع من الواحد منهم الوهم أو الخطأ , وأصدق مثال على ذلك صحيح الإمام البخاري فمع الاتفاق إلى أنه أصح كتاب بعد كتاب الله وأنه جاوز القنطرة إلا أنه قد نقده عدة من المتقدمين والمتأخرين في بعض الروايات والأسانيد وكذا الحال في صحيح مسلم وغيرهما.
ومن الأمثلة على ذلك - وهو منقول -
روى ابن السني في (عمل اليوم والليلة) (برقم 351) باب:
ما يقول إذا استصعب عليه أمر، و البيهقي في (الدعوات الكبير) برقم 234 مرسلاً بإسناد صحيح، ورواه
متصلاً بإسناد صحيح أيضاً برقم 235، وأبو نعيم في (أخبار أصبهان) 2/ 305،
وابن حبان في (صحيحه) 3/ 255 برقم 974، والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) 5/ 62 –
63 برقم 1683، 1685، 1686، 1687، والأصبهاني في (الترغيب والترهيب) 2/ 147:
كلهم من حديث أنس مرفوعاً:
¥