تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يضعفون رواية الراوي المجهول مرة ويصححونها مرة دون أي قرينة أخرى، فقد رمى المتقدمين بالتناقض، فكيف يكون هذا الراوي الذي هو في حيز الجهالة مرة يكون مقبولا ومرة يكون مردودا مع التجرد عن القرائن؟ فإن قلنا وإن تجرد عن القرائن فمرة كذا ومرة كذا، فنحن نكون بهذا قد أسأنا إلى المتقدمين، ونقول لهم إنكم تصححون وتضعفون بأهوائكم، فما الذي جعلكم تقبلون هذا الرجل في هذا الحديث ثم تردونه في الحديث الآخر وليس معه في هذا الحديث الذي قبلتموه فيه أي قرينة تزيد عن الحديث الذي رددتموه فيه؟؟ معنى هذا أننا نرمي المتقدمين بالتناقض وعدم الفهم، وحاشاهم من ذلك، فإن قال إنهم مرة يصححون ومرة يضعفون حديث المجهول لقرائن، قلنا جزاك الله خيرا، وهذا الذي نريد أن تقوله، وهذا عين قولنا! إذن، عندما صححوا حديث المجهول، لعلهم صححوه لطرق أخرى، لعلهم صححوه لأنهم يعلمون أن لهذا الحديث أصلا، لعلهم صححوه لقرينة كذا أو لقرينة كذا، عَلِمَها من علمها وجهلها من جهلها .. إذن، القول بأن المتقدمين يصححون حديث المجهول ويضعفون حديث المجهول .. أحيانا وأحيانا .. إذا آل إلى هذا الأمر .. أنهم يدورون مع ذلك بالقرائن، وحكمهم في ذلك راجع للقرائن، إذن لا إشكال، وهذا عين قولنا، وهذا لا يلزم منه كلامٌ على المتأخرين، ولا يلزم المتأخرين من ذلك عيب ولا لوم. لأن عندهم أيضا أن المجهول يصحح حديثه إذا جاء من طرق أخرى، أما المجهول وحده فلا، ونحن نريد أيضا في هذا الموضع أن نلزم المخالف بإلزام آخر، نقول له: ما حكم رواية الضعيف عندك؟ يقول: الضعيف عندي مردود، بمعنى أني أتوقف فيه حتى يتقوى .. وقد يقول: وإن تقوى من طريق أخرى لا أقبله .. لكن دعنا مع الصنف الذي يرى أنه يتقوى بمثله، فنقول له: لو أوقفناك على كلام عند المتقدمين أنهم صححوا مرة رواية الضعيف وضعفوا مرة روايته، هل تقول في النهاية إن المتأخرين أيضا أخطئوا عندما أطلقوا عدم قبول رواية الضعيف؟؟ لأنه قد ثبت عن المتقدمين أنهم مرة ضعفوا رواية الضعيف ومرة صححوا رواية الضعيف نفسه، هذا موجود، أنتم تعرفون أن الإمام البخاري أخرج احتجاجا لبعض الضعفاء، وإن كان البعض قد يكابر في بعض الضعفاء ويقول " ليسوا بضعفاء "، هذه مسألة أخرى، البحث في الرواة أمر سهل، ارجع إلى كتب الجرح والتعديل، وكلام الأئمة حاكمٌ على الجميع، لكني أقول في هذا الموضع: إذا كنا نسلم أن المتقدمين مرة يصححون للضعيف ومرة يضعفون له، ورأينا أن المتأخرين – ووافقناهم نحن على ذلك – على إطلاق أن رواية الضعيف لا تقبل، فلماذا لا نجعل صنيع المتقدمين في المجهول وصنيع المتأخرين في المجهول مثل صنيع المتقدمين والمتأخرين في الضعيف؟

.. أنا أريد أن أقول لتعرفوا فهم .. ولتعرفوا قدر .. لا أقول فهم ولكن أقول قدر خدمة المتأخرين لنا، وأننا عالة عليهم، شيء سهل جدا .. عندما تقرؤون في تهذيب الكمال أو في تهذيب التهذيب، ترَوْن المزي يقول " فلان بن فلان، روى عن فلان وفلان وفلان، روى عنه فلان وفلان وفلان "، وأحيانا يزيد المسألة بيانا وإيضاحا فيقول " روى عن فلان، ويشير برموز البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي "، تصوروا أنتم كيف وصل المزي – رحمه الله – إلى هذه النتيجة، بأن فلانا هذا مشايخه كذا وكذا ويسوقهم على نسق وعلى حروف المعجم في التلامذة وفي الشيوخ، هذا نتيجة الحفظ، فكأنه – مثلا – عندما أراد أن يعرف مشايخ وتلامذة هذا الرجل أدار بخاطره وبذهنه جميع روايات هذا الرجل في كتب السنة، أو في الكتب التي اشترط أن يتكلم حولها، سواء كتب الأئمة الستة، أو في بعض الكتب الأخرى ... فجال بخاطره رواية هؤلاء وبسرعة خرج " يروي عن فلان في كذا وعن فلان في كذا "، أنت الآن أيها الطالب الذي قد نفعك الله، وأنك قد أتيت بما لم يأت به الأوائل وتعرف ما لا يعرف هؤلاء الناس أنا أطلب منك أن تجمع لي تلامذة ابن لهيعة ومشايخ ابن لهيعة، بدون الرجوع إلى كتب الرجال، ماذا يقع للإنسان؟؟ يمكن أن يبقى عمره كاملا ويقرأ كتب السنة المطبوعة والمخطوطة وينتظر المفقودة حتى يقف على روايات ابن لهيعة في كل هذه الكتب ويرى أن تلميذه فلان وشيخه فلان!! وأحيانا يكون للأئمة نقد آخر، يقولون روى عن فلان على قول فلان، أو كما قيل، يشككون في أن الشيخ هذا أو أن هذا الراوي شيخ لفلان في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير