17 - وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قال النبي ? ((ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت)) أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه واللفظ له.
الشرح:
والحديث له شواهد كثيرة وهذا يدل على أن الإنسان إذا قطع من البهيمة شيئاً وهي حية فإنه ميت، فإذا قطع مثلاً إلية شاة أو قطع عضواً من بهيمة فإنه لا يحل أكله سواءً ماتت من هذا القطع أم لم تمت لأنها لم تذكَّ الذكاة الشرعية.
واستثنى العلماء الطريدة في الصيد فإن الصحابة كانوا يفعلون ذلك في مغازيهم، إذا طردوا بهيمة، طردوا غزالاً أو شيئاً من هذه الصيود ثم ظفروا بها وضربوها ضربة رجل واحد، اجتمع أكثر من واحد وضربوها بالسيوف فقطَّعوها ضربها هذا وهذا وهذا وقطَّعوها بهذه الضربات كل واحد قطع منها شيئاً وماتت فإن هذا لا بأس به ما دام أنه في الصيد لأن الصيد لا يشترط فيه الذكاة.
لكن لو أنه ضرب هذه البهيمة وقطع منها جزءاً ثم عاشت ولم تمت فإن هذا الجزء لا يحل، أما إذا ماتت في الحال من هذه الضربة فإن هذا الجزء يكون تابعاً لها ما دام أنه في الصيد.
أما في الذكاة فلا، إذا قدر على البهيمة فلا بد من التذكية، وأما في الصيد إذا رماها فإنها تحل، يرميها في أي موضع، وكذلك الحيوان الإنسي إذا هرب ولم يستطع أن يمسكه فلا بأس أن يرميه يسمي ويرمي وإذا قتله فإنه يحل كما في الصحيحين لما ندَّ بعير - يعني هرب - فرماه رجل بسهم فحبسه فقال النبي ? ((إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منه شيء فاصنعوا به هكذا)).
وقال العلماء أيضاً: لو عجز عن تذكيته مثل بعير سقط في بئر، دخل فيه رأسه ومقدمه وبقي عجزه والبئر فيه ماء ولا يستطيع إخراجه ولو تركه على هذه الحالة لمات، فإنه لا بأس أن يطعنه في بطنه ويحل لأنه عجز عن تذكيته.
وأما ما قدر على تذكيته فإنه لا يجوز أن يُرمى لأن النبي ? نهى عن المجثمة وهي التي تُصْبَرُ بالنبل كما في السنن نهى عن المجثمة، وهي التي تُصْبَرُ بالنبل. مثل دجاجة وُضِعَتْ هدفاً ثم رُميت بالسهام حتى قُتلت فإنها لا تحل لأن النبي ? نهى عن المجثمة وهي التي تُصْبَرُ بالنبل.
ولعن النبي ? من اتخذ شيئاً فيه الروح غَرَضَاً – يعني هدفاً يُرمى إليه - فبعض الناس لجهله إذا صاد الصيد ثم سقط ولم يمت، وليس معه شيء يذبحه به فإنه يرميه مرة أخرى حتى يموت، هذا لا يجوز، فإذا مات من الرمية الثانية فإنه حرام ولا يحل أكله لأن هذه هي المجثمة، ما دام أنه سقط ولا يستطيع الهروب فلا يجوز أن يرمى مرة أخرى، بل يجب عليه أن يذكيه بأي شيء بسكين أو بحديدة أو بزجاجة أو بشوكة أو بأي شيء يقول النبي ? ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكُلْ)) متفق عليه. أي شيء ذكاه به جاز، وفي سنن أبي داود أن رجلاً عنده ناقة وكادت تموت فأخذ وتداً – خشبة لها رأس مدبب – فنحرها به فسأل النبي ? فأمره بأكلها.
المقصود أن التذكية تحصل بأي شيء ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله فكل ليس السن والظفر أما السن فعظم وأما الظفر فمدى الحبشة)) السن والظفر لا يجوز التذكية بهما وأما ما عداه مما ينهر الدم فإنه يجوز.
باب الآنية
18 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ? ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافهما فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) متفق عليه.
الشرح:
المؤلف بدأ بباب الآنية قبل الوضوء لأن الإنسان يضع الماء في هذه لآنية ثم يتوضأ به فبدأ أولاً بباب المياه ثم ذكر باب الآنية لأن الآنية تسبق الوضوء، وبيَّن أن آنية الذهب والفضة حرام ليس لأنها نجسة والكلام في كتاب الطهارة، لكن لما كان يتكلم عن الآنية ذكر الذي لا يجوز إما لنجاسته أو لتحريمه وإن كان طاهراً، فآنية الذهب والفضة محرمة فلو توضأ من إناء من فضة فوضوؤه صحيح على القول الراجح ولكنه آثم، فلا يجوز له أن يتوضأ في آنية الذهب والفضة ولا يأكل فيها ولا يشرب لكن لو فعل فلا علاقة له بالوضوء، الوضوء صحيح مع الإثم.
¥