وهل يجوز أن تتخذ الخمر أو هذه الأشياء التي فيها الكحول وهو مسكر هل يجوز أن تتخذ في تعقيم الجروح وما شابه ذلك؟.
الجواب: فيه خلاف والصحيح أنه لا بأس باستخدام هذه المطهرات التي فيها الكحول مع أنها تسكر، لكن لا مانع أن تستخدم في تطهير الجروح وما شابه ذلك لأنها ليست بنجسة ولم يستعملها في الشرب، والله سبحانه وتعالى يقول (فاجتنبوه) أي اجتنبوه شرباً لأن هذا هو الواقع ولدلالة الآية التي بعدها (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) وهذا إنما يكون في الشرب، فلو احتاجها في أن يستخدمها في التطيب وما شابه ذلك فلا بأس.
28 - وعنه رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أمر رسول الله ? أبا طلحة فنادى إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس. متفق عليه.
29 - وعن عمرو بن خارجة رضي الله عنه قال: خطبنا النبي ? بمنى وهو على راحلته ولعابها يسيل على كتفي. أخرجه أحمد والترمذي وصححه.
الشرح:
الحديث الأول يدل على نجاسة لحوم الحمر الأهلية، فالحمار في حال الحياة طاهر عرقه وريقه لأنه يشق التحرز منه، والنبي ? ثبت عنه في صحيح مسلم أنه صلى على حمار وهو قادم من خيبر، فهذا يدل على أن الحمار في حال الحياة طاهر عرقه وريقه، أما بوله فهو نجس لأنه لا يشق التحرز منه.
أما ما يؤكل لحمه فإنه طاهر، بوله وريقه وعرقه كله طاهر ما عدا الدم المسفوح فإنه نجس.
وإذا مات الحمار فإنه يكون نجساً ولا يُذكى، فهو إذا مات فإنه نجس بكل حال، وكذلك البغل لأنه اختلط فيه طاهر بنجس فالبغل متولد من الخيل والحمار إذا نزا الحمار على الخيل جاء البغل.
ولا يجوز إنزاء الحمير على الخيل لأن النبي ? نهى عن ذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمرنا رسول الله ? بأن لا ننزي الحُمر على الخيل، وفي رواية أخرى قال علي رضي الله لما رأى البغلة التي أهديت للنبي ? قال يا رسول الله لو حملنا الحمير على الخيل لجاءنا مثل هذه فقال النبي ? ((إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون)) رواهما أبو داود. فلا يجوز إنزاء الحمار على الخيل.
ولعل من الأسباب أن الخيل شريفة ولها قيمة فلا يجوز أن يشغل رحمها بماء الحمار فإنها لو نزا عليها خيل لجاءت بخيل وهو أفضل من البغل لأن الخيل وسيلة الجهاد والخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، فلا يجوز أن يشغل رحم هذه الفرس بماء حمار لا ينتفع به في الجهاد ولا يتوالد، لكن لو نزا عليها خيل لجاءت بخيل يستفاد منه في الجهاد.
فالمقصود أن لحوم الحمير والبغال محرمة ونجسة فالنبي ? قال ((إن الله ورسوله ينهيانكم عنها فإنها رجس من عمل الشيطان)) وليس المراد أن الشيطان هو الذي عمل أو خلق الحمير، ولكن المقصود أن الأكل من وحي الشيطان ومن تزيينه، فمن أكلها فإن هذا الأكل ما حصل إلا بوحي الشيطان وعمله ووسوسته وإيقاعه في هذا المحرم، وأما الريق فإنه طاهر حتى من الحمار.
أما بالنسبة للإبل والخيل والبقر والغنم فريقها وبولها وعرقها ولحمها طاهر ما عدا الدم المسفوح فإنه حرام.
30 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله ? يغسل المني ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب وأنا أنظر إلى أثر الغسل. متفق عليه.
31 - ولمسلم: لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله ? فركاً فيصلي فيه.
32 - وفي لفظ له: لقد كنت أحكه يابساً بظفري من ثوبه.
الشرح:
وهذا يدل على طهارة المني وأنه ليس بنجس ولكنه مستقذر، فينبغي للإنسان إما أن يغسله إن كان رطباً أو يفركه إن كان يابساً. وقد روى الإمام أحمد في المسند أن النبي ? كان يسلته رطباً بعود الإذخر، وهذا أبلغ في الدلالة على طهارة المني، ولو كان نجساً ما كان ليسلته بعود الإذخر فيحتاج إلى غسل، وأما الغسل فهو للنزاهة لأنه مستقذر فعائشة رضي الله عنها كانت تغسله من ثوب النبي ? لأنه مستقذر، كما لو وقع على ثوب الإنسان مخاط فإنه يغسله ولا يمكن أن يخرج على الناس وفي ثوبه مخاط فهذا مما يستقذر ويستكره، أما إن كان يابساً فالأمر فيه واسع.
¥