فالسواك عند الوضوء مستحب، والسواك مستحب مطلقاً ولكنه يتأكد في مواطن: عند الوضوء وعند الصلاة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين قال ? ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) قبل الصلاة، وعند القيام من النوم كما في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: كان رسول الله ? إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك. متفق عليه، كذلك عند دخول البيت لقول عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم كان النبي ? إذا دخل بيته بدأ بالسواك، وكذلك عند قراءة القران فجاء في بعض الأحاديث أن الملك يتلقف القرآن من فم القارئ فينبغي أن ينظف فمه لئلا يؤذي الملائكة.
فالمقصود أن السواك متأكد مطلقاً والنبي ? لم يأمر به خشية المشقة فإذا أراد الإنسان أن يتوضأ يستعمل السواك قبل الوضوء ثم يتوضأ.
وكان النبي ? يسوك لسانه حتى يتهوع يدخل السواك إلى آخر لسانه ويسوكه حتى يتهوع، لأن اللسان يجمع بقايا الطعام فتخرج منه الرائحة الكريهة. فينبغي للإنسان أن يعتني بالسواك على لسانه وأسنانه عناية فائقة حتى لا يبقى منه روائح كريهة تؤذي الملائكة وتؤذي المصلين.
وبعض الناس لا يهتم بهذا الأمر فتراه يأتي ورائحته كريهة لا سيما في صلاة الفجر، والنبي ? كان يشق عليه أن يوجد منه الريح وكلما كانت النفس طيبة كلما كانت تميل إلى الروائح الطيبة، فالله تعالى فطر النفوس الطيبة على الميل إلى الروائح الطيبة والنفوس الخبيثة تميل إلى الروائح الخبيثة، فترى الخبيث لا يرتاح إلا إلى الخبائث فتراه يدخن ويرتاح لرائحة الدخان والشيشة، فهذه لا تقبلها إلا نفس فيها خبث.
أما النفس الطيبة فإنها تميل إلى الروائح الطيبة، وكان النبي ? يحب الطيب كما في حديث النسائي قال ? ((حبب إلي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة))، وكان يشتد عليه أن يوجد منه الريح، تقول عائشة رضي الله عنها: لبس النبي ? جبة من صوف فلما عرق وجد لها ريحاً فنزعها وكان يشق عليه أن يوجد منه الريح. رواه أبو داود. ولما احتال عليه أزواجه في العسل قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله أكلت مغافير - وهو شيء حلو كالصمغ يخرج من شجر يسمى العُرفط له رائحة كريهة - فقالت يا رسول الله أكلت مغافير قال ((لا ولكن سقتني زينب شربة من عسل)) فقالت: جرست نحله العُرفط. تعني إذا كان عسلاً فالنحل أكلت من شجر العرفط فصارت رائحته في العسل فقال النبي ?: ((شربت عسلاً عند زينب ولن أعود له)) والقصة في الصحيحين فأنزل الله فيها أول سورة التحريم.
فينبغي للمسلم أن يعتني بنظافة فمه وإبطيه وجسده وثيابه ويعتني بالطيب والسواك حتى يكون طيباً مطيباً يألفه جلساؤه والملائكة ولا يتأذى منه أحد.
مسألة: هل السواك يكون باليد اليمنى أم اليسرى؟.
الجواب: هذا محل خلاف والأقرب أنه يكون باليسرى لأنه إزالة أقذار، ولو تسوك باليمين فالأمر واسع.
بعض العلماء يقول إنه سنة فيكون باليمين، وبعضهم يقول إنه إزالة أوساخ فيكون بالشمال. والأقرب أنه بالشمال، ولا يُعرف دليل في هذا ولكن من حيث التعليل الأقرب أنه باليسار، ولكن إن شق عليه أن يسوك لسانه أو داخل أسنانه باليسار فتسوك باليمين فالأمر واسع.
37 - وعن حمران أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء فغسل كفيه ثلاث مرات ثم تمضمض واستنشق واستنثر ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم مسح برأسه ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال: رأيت رسول الله ? توضأ نحو وضوئي هذا. متفق عليه.
الشرح:
أصح ما ورد في الوضوء حديث عثمان وحديث عبدالله بن زيد رضي الله عنهما وكلاهما في الصحيحين، فما خالف هذين الحديثين فهو شاذ مثل مسح الرأس ثلاثاً جاء في السنن، ولكنه حديث شاذ لأنه مخالف لما في الصحيحين. وفي حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه قال: ومسح برأسه فبدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، فقد فَصَّل وضَبَط وذَكَر المسح تماماً فما خالفه من الأحاديث فإنه لا يعول عليه.
فالمعتمد ما ثبت في الصحيحين وتلك رواية شاذة لأن الشاذ هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه وحديث عبدالله بن زيد في الصحيحين وهو أصح من الأحاديث التي فيها المسح ثلاث مرات.
¥