المحفوظ أنه لا يأخذ ماءً جديداً لأذنيه ((ومسح برأسه بماء غير فضل يديه)) أي إذا غسل يديه وبقي فيهما ماء فهذا الماء لا يمسح به رأسه، وإنما يأخذ ماءً جديداً لمسح الرأس هذا هو المحفوظ وهو الذي رواه مسلم.
فلا حاجة أن يأخذ ماء جديداً للأذنين لأن الأذنين من الرأس كما جاء من حديث أبي إمامة وغيره، وهذه الأحاديث لها طرق كثيرة تتقوى بها يقول e (( الأذنان من الرأس)) فالأذنان مع الرأس عضو واحد فلا يحتاج إلى تجديد الماء.
49 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول ((إن أمتي يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
الشرح:
ابن حجر رحمه الله في فتح الباري بيَّن أن الزيادة من قول أبي هريرة رضي الله عنه، فقوله: فمن استطاع إلى آخره. هذه مدرجة من قول أبي هريرة رضي الله عنه وليست من قول النبي e ، والدليل على ذلك أن الراوي عن أبي هريرة وهو نعيم المجمر قال: لا أدري هل هي من قول النبي e أو من قول أبي هريرة. والأمر الثاني الدال على الإدراج أنه روى هذا الحديث عن النبي e عشرة من الصحابة ولم يذكروا هذه الزيادة فهذا يرجح أنها مدرجة.
ومما يدل على ذلك أيضاً أن الغرة لا يمكن أن تطال ((فمن استطاع منكم أن يطيل غرته)) الغرة هي بياض الوجه فكيف يطيل غرته؟! إذا أراد أن يطيل غرته فلا بد أن يغسل مقدم الرأس أو يغسل الرقبة.
وعلى هذا فإنه لا يسن أن يزيد في غسل القدمين، لأنه قد جاء في بعض الروايات ((من استطاع أن يطيل غرته وتحجيله)) فلا يشرع أن يزيد في غسل القدم إلى نصف الساق أو إلى الركبة، فهذا من الغلو بل يغسل حتى يشرع في الساق ليتيقن من غسل الكعبين كما فعل النبي e ، فإن أبا هريرة رضي الله عنه قال: توضأ النبي e فغسل وجهه فأسبغ الوضوء ثم غسل يديه حتى أشرع في العضد ثم غسل رجليه حتى أشرع في الساق. ولم يقل: غسل العضد وإنما قال: حتى أشرع في العضد. ومعنى أشرع فيه أي بدأ فيه أي غسل بداية العضد، وقوله: أشرع في الساق أي غسل بداية الساق.
أما أن يزيد كما كان يفعل أبو هريرة رضي الله عنه كان يمد حتى يصل إلى إبطيه فقال له عبدالله بن إبراهيم بن قارظ: ما هذا الوضوء يا أبا هريرة؟ فقال: يا بني فروخ أنتم هاهنا لو علمت أنكم هاهنا ما توضأت هذا الوضوء سمعت خليلي e يقول ((إن الحلية تبلغ من المؤمن حيث يبلغ الوَضوء)) رواه مسلم. فهل هذا دليل على الزيادة في غسل الأعضاء كما فهم أبو هريرة؟.
الجواب: لا، لأن هذا الحديث معناه: إن الحلية تبلغ من المؤمن حيث يبلغ الوضوء الشرعي الذي توضأه النبي e ، والله سبحانه وتعالى يقول (وأرجلكم إلى الكعبين) حدده الله سبحانه إلى الكعبين فالزيادة فيها إسراف وغلو، والنبي e قال ((فمن زاد فقد تعدى وأساء وظلم)) وهذا يشمل الزيادة في العدد والزيادة في الموضع.
فالمقصود أن الأدلة تدل على أنه لا يجوز الزيادة على ما فعله النبي e ، فلا يغسل العضدين ولا يغسل الساقين وإنما يقتصر على الوضوء الذي فعله النبي e .
50- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي e يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله. متفق عليه.
الشرح:
وهذا عام، فكل ما كان مستحسناً فإنه يكون باليمين، فإذا دخل المسجد باليمين وإذا خرج بالشمال، إذا لبس النعل باليمين وإذا خلع بالشمال، يناول باليمين، يسلم باليمين، يستلم الحجر الأسود والركن اليماني باليمين، إذا لبس قميصاً يبدأ باليمين، إذا لبس السراويل يبدأ باليمين، وهكذا في جميع أحواله كل ما كان مستحسناً يكون باليمين.
وأما ما كان خلاف ذلك فإنه يكون بالشمال، كالاستنجاء والاستجمار والسواك والاستنثار ودخول الخلاء وخلع النعال، والخروج من المسجد.
فاليمين لما كان مستحسنا والشمال لما سوى ذلك تقول عائشة رضي الله عنها: كانت يد رسول الله e اليمنى لطهوره وطعامه وشرابه وثيابه، وكانت شماله لخلائه وما كان من أذى. رواه أبو داود. فهذا يدل على أن اليمين للأشياء المستحسنة والشمال للأشياء المستقذرة.
51 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e (( إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم)) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة.
الشرح:
¥