تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعُرفت البلاغة في عصر متأخري التابعين، ثم اشتهرت بعد ذلك، وحُكي الإجماع على أن البلاغة ما نشأت إلا تحت تفسير القرآن، وقد اعتنى بها كثير مِن الأئمة باستخراج البديع والإعجاز من كلام الله. وصنف معمر بن المثنى كتابه فيها، وقيل: إنه قد أخذ من نافع بن الأزرق عن عبد الله بن عباس. ويحتمل أنه أخذه من غيره؛ وهو إمامٌ في لغة العرب، ونافع عرض ألفاظاً من غريب القرآن أشكلت عليه على عبدالله بن عباس؛ إذ جاءه بمكة يسأله عنها، واشترط على ابن عباس؛ أن يأتيه على كل مسألة وتفسير بشواهد من أشعار العرب، وذلك حينما خرج ونَجْدَة بنُ عويمر وآخرون من الخوارج إلى مكه فلقوا ابن عباس، فسأله نافع عن مسائل من القرآن.

ومسائل ابن الأزرق أخرجها أبو بكر بن الأنباري في (الوقف والابتداء)، وهي منثورةٌ في عدة من كتب التفسير، رواها محمد بن زياد اليشكُري عن ميمون بن مهران، واليشكري هذا كذاب، وروى جملة منها الطبراني في "معجمه الكبير" عن جُويبر - وهو ضعيف جداً - عن الضحاك. ورويت من وجوه أخرى لا تخلو من ضعف.

نص القرآن قطعي الثبوت وتأويله في اللغة

والأئمة النقاد جوزوا الرواية في التفسير عن بعض من لا تُقبل روايته في الأحكام؛ لأن مَرَدَّ التفسير إلى اللغة، ومرد الأحكام إلى النص، والنص لا يثبت إلا بصحة الإسناد، واللغة تثبت بوجوه عدَّةٍ، ونص القرآن قطعي الثبوت.

يقول يحيى بن معين: " اكتبوا عن أبي مَعْشَرٍ حديث محمد بن كعب خاصَّة "، وذلك أن رواية أبي معشر عن محمد بن كعب هي في التفسير خاصة، لا يكاد يكون له حديث في غيره.

والمنكر في باب التفسير بيِّن واضحٌ أظهَرُ من غيره، للاشتراك في مخالفته لوجوه اللغة مَعَ أصول الشرع، أو لا يكون له نظائرُ في القرآن.

الإجماع في التفسير

ومن ثمرة ذلك ونتيجته: قلةُ حكاية الإجماع في التفسير، فهو من أقلِّ أبواب العلم، ولا يلزم من ذلك كثرة الخلاف وغَلَبَتُه، بل لأن القرآن جاء ليُحمَلَ على وجوه تتَّفق في الأصل والمقصد، تختلف في اللفظ، فاختلاف ألفاظ المفسرين للقرآن هي من اختلاف التنوُّع، لا من اختلاف التَّضَادِّ على الأغلب.

وأكثر القرآن مجمع على تفسيره بمعاني منصوصة، لكن لا ينصون على الإجماع في الواضح البين متمحض الوضوح.

وإذا علم أن في المسألة إجماعاً في تأويلِ آيةٍ، أو الاتفاق على أنها نزلت في كذا ونحو ذلك، فلا يُعتمَدُ على ما يخالفها.

وقد أكثر بعض الأئمة مِنْ حِكَايَات الإجماع؛ كابن جرير الطبري، وكذلك ابن عطية. وهو يعتمد على ابن جرير كثيراً، والقرطبي، ويعتمد كثيراً على ابن عطية، والواحدي له إجماعات في تفسيره، وفي بعضها نظر فهو من المتساهلين في هذا الباب. والإجماع المنصوص عليه عندهم في التفسير دون المائتين، ولا يزيد عليها قطعاً، وأكثرها عند ابن جرير الطبري.

ومنهج ابن جرير الطبري في حكاية الإجماع أنه لا يعتدُّ بمخالفة الواحد ولا الاثنين، مع علمه ومعرفته بخلافهم؛ لذلك قد روى في كثيرٍ من المواضع ما يخالِف ما يحكيه من الإجماع.

ومن أكثر الأئمة نقلاً من المفسرين المتأخرين: الإمام القرطبي، وقد اعتمد على غيره في حكاية الإجماع - سواء في مسائل الأحكام أو غيرها - كابن جرير الطبري وابن المنذر، وابن عبد البر، وابن العربي، وابن عطية، ممن كان معروفاً بالعناية بحكاية الإجماع، وإن كان هو ممن لا يحكي الإجماعَ جُزافاً؛ فإنه يُمَحِّصُه في كثيرٍ من المواضع، ولا يسلَّم له في كثير من المواضع؛ فإنَّ أقلَّ من ربعها لا يثبت فيه إجماع، والخلاف فيها مُعْتَبَرٌ.

تفسير الضعفاء موافق لوجوه اللغة في الغالب

وبالسبر لمرويات الضعفاء في التفسير؛ فإنها - في الغالب - لا تخالف وجهًا من وجوه العربية؛ فإن خالفت وجهًا فإنها تُحْمَل على الوجه الآخر، الذي لا يخالف نصاً ولا حكماً ولا أصلاً، والنبي ? كلامه مبيِّن للقرآن موضِّح له، ومع ذلك فهو يجمع المعاني الكثيرة باللفظ القليل، وهو ما يُسَمَّى بجوامعِ الكلمِ؛ قال النبي ?: ?? إِنَّمَا بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ?? رواه البخاري. وجَوامِعُ الكَلِم - كما فسرها الزهري عند البخاري في "الصحيح" - قال: " هي جمع المعاني لأمورٍ كثيرة بألفاظٍ قليلة "؛ فإذا كان هذا لكلام النبي ? المبيِّنِ الموضِّحِ للقرآن؛ فهو لكلام الله جل وعلا من باب أَوْلَى، فكلام الله له

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير