وما نقله ابن تيمية رحمه الله في كتابه "في الرد على البكري" أن أحمد قال في علي بن أبي طلحة: ضعيفٌ، فهذا النقل لا أعلمه في المسائل عن أحمد، ولا في مروياته سوى في هذا الموضع، ولعله أراد قوله: "يروي المنكرات". وإلا فالمعروف عن الإمام أحمد أنه حَمِدَ صحيفة علي بن أبي طلحة عن عبد الله بن عباس.
ولا يُوجد شيء يكاد يُذكر من التفسير من قول علي بن أبي طلحة، وإنما هو عن عبد الله بن عباس، أو عن رسول الله ? وهو قليل، فعليٌّ ناقل فقه ليس بفقيه.
رواية عطاء عن ابن عباس
ومن الرواة عن ابن عباس: عطاء:
ومن يروي عن ابن عباس ممن اسمه عطاء: ابن أبي رباح، وهو أجلُّهم وأعلمهم، وابن أبي مسلم الخراساني، ولم يسمع من ابن عباس إلا ابن أبي رباح، والخراساني بواسطة، والذي يرد في التفسير كثيراً هو عطاء بن أبي مسلم الخراساني، ويُنسب في الغالب في الأسانيد.
وقد روى أكثر تفسيره ابن جريج، ويروي عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس في التفسير وأكثر مروياته يرويها عنه ابن جريج أيضاً، وما جاء في التفسير في سورة البقرة وآل عمران فليس هو الخراساني، وإنما هو ابن أبي رباح؛ لأن الخراساني امتنع عن تفسير السورتين لابن جريج.
وكلُّ مالم يُسَمِّه ابن جريج في التفسير عن عطاء، فهو الخراساني، ولم يسمع ابن عباس.
وعطاء الخراساني صدوق حسن الحديث، وله رواية عن ابن عباس ولم يسمع من أحد من الصحابة، وفي الغالب يُسمى، وقد لا يُسمى فيلتبس على البعض، وقد روى له البخاري في "صحيحه" ولم ينسبه في تفسير سورة نوح وفي الطلاق، قال ابن حجر: إن البخاري يظنُّه ابنَ أبي رباح، ويظهر لي أن البخاري لا يخفى عليه ذلك، وقد قصد الإخراج للخراساني عن ابن عباس، وحديثه الذي أخرجه رواه عبدالرزاق عن ابن جريج وسمى عطاءً بالخراساني، ويظهر أن الخراساني أخذ التفسير من كتابٍ عن ابن عباس، فله رواية عن سعيد بن جبير وعكرمة وعلي بن أبي طلحة وهم من نَقَلَةِ التفسير.
ويروي عثمان بن عطاء - وهو ضعيف الحديث جداً - عن أبيه عطاء الخراساني عن ابن عباس، ولكن حديثه من كتاب، ورواية ابن جريج أشهر بكثيرٍ وأصحُّ، وقد أخرج البخاري لعطاء عن ابن عباس في الصحيح في غير الأصول، في تفسير سورة الكوثر.
ورواية ابن جريج هي من طريق عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، كما قاله الحافظ أبو مسعود الدمشقي في "الأطراف"، ومن نظر في سيرة عثمان بن عطاء وَجَدَ أنه ضعيفٌ، ولكن العلماء يذكرون أن لديه كتاباً في التفسير عن أبيه، ويظهر أن ابن جريج قد أخذ التفسير من عثمان بن عطاء، فأسنده عن ابن عباس؛ وعليه يقال أن التفسير عن ابن جريج عن عطاء صحيح، وإن كان منقطعاً في موضعين.
ولابن جريج أقوالٌ في التفسير من رأيه، وله أيضاً عن ابن عباس، أخذها بالجملة بواسطة صحف، إما من تفسير مجاهد بن جبر، أو من غيره، ونسبة التفسير إليه وارد وصحيح ولا إشكال فيه، فهو من أئمة التفسير في الرواية، وكذلك له معرفة بلغة العرب وبكلام المفسرين ممن كان يروي عنهم.
ويَرْوي عن ابن جريج عن عطاء الخراساني جماعةٌ؛ منهم: حجَّاج بن محمد ومحمد بن ثور، ويروي موسى بن عبدالرحمن الثقفي عنه، وهو متَّهم في حديث.
رواية أبي صالح وأبي مالك عن ابن عباس
ومن الرواة عن عبد الله بن عباس:
أبو صالح باذام مولى أم هانئ بنت أبي طالب.
وأبو مالك غزوان بن مالك الغفاري.
ورواية أبي مالك عن ابن عباس في التفسير هي من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد.
ويَرْوي عن أبي مالك وأبي صالح إسماعيلُ بن عبد الرحمن السُّدِّي الكبير، والسدي هذا وثقه أحمد، وأخذ عليه تكلُّفه في وصله الأسانيد، ويظهر أن مرادَ أحمد أنه يتكلف بالوصل حتى لو لم يتحصل عليه إلا بنزول، لا أنه يختلق الأسانيد، وهو لم يسمع من ابن عباس.
تفسير السُّدي
راوية تفسير السدي: أسباطُ بنُ نصر، بل تفرغ لتفسير السدي ونقله، وعليه المُعَوَّل فيه، ويوجد شيء يسير من غير طريق أسباط بن نصر.
والسُّدي أكثر التابعين بإطلاق حكاية للإسرائيليات، بل فاق الإخباريين عن بني إسرائيل؛ ككعب الأحبار ووهب بن منبه وأمثالهم.
وله اجتهاداتٌ ونظرٌ، وهو غير حجة فيما ينفرد فيه من دعاوى النسخ، فهو جسر في هذا الباب جداً.
وتفسير السُّدي جله عن ابن عباس وابن مسعود، ولم يلق من الصحابة إلا أنس بن مالك.
¥