قلت وحديث معمر هذا الذي خطأه البخاري وقال الترمذي إنه غير محفوظ هو الذي قال فيه إن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه كما رواه أبو داود وغيره وكذلك الإمام أحمد رضي الله عنه في مسنده وغيره وقد ذكر عبدالرزاق أن معمرا كان يرويه أحيانا من الوجه الآخر فكان يضطرب في إسناده كما اضطرب في متنه وخالف فيه الحفاظ الثقات الذين رووه بغير اللفظ الذي رواه معمر ومعمر كان معروفا بالغلط وأما الزهري فلا يعرف منه غلط فلهذا بين البخاري من كلام الزهري ما دل على خطأ معمر في هذا الحديث قال البخاري في صحيحه
باب إذا وقعت الفأرة في السمن الجامد أو الذائب
ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا الزهري أخبرني عبيدالله بن عبدالله بن عتبة أنه سمع ابن عباس يحدث عن ميمونة أن فأرة وقعت في سمن
فماتت فسئل النبي عنها فقال ألقوها وما حولها وكلوه قيل لسفيان فإن معمرا يحدثه عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال ما سمعت الزهري يقوله إلا عن عبيدالله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي ولقد سمعته منه مرارا
ثنا عبدان ثنا عبدالله يعني ابن المبارك عن يونس عن الزهري أنه سئل عن الدابة تموت في الزيت أو السمن وهو جامد أو غير جامد الفأرةأو غيرها قال بلغنا أن رسول الله أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح ثم أكل من حديث عبيدالله بن عبدالله ثم رواه من طريق مالك كما رواه من طريق ابن عيينة
وهذا الحديث رواه الناس عن الزهري كما رواه ابن عيينة بسنده ولفظه وأما معمر فاضطرب فيه في سنده ولفظه فرواه تارة عن ابن المسيب عن أبي هريرة وقال فيه وإن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه وقيل عنه وإن كان مائعا فاستصبحوا به واضطرب على معمر فيه وظن طائفة من العلماء أن حديث معمر محفوظ فعملوا به وممن يثبته محمد بن يحيى الذهلي فيما جمعه من حديث الزهري وكذلك احتج به احمد لما أفتى بالفرق بين الجامد
والمائع وكان أحمد يحتج أحيانا بأحاديث ثم يتبين له أنها معلولة كاحتجاجه بقوله لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين ثم تبين له بعد ذلك أنه معلول فاستدل بغيره
وأما البخاري والترمذي وغيرهما فعللوا حديث معمر وبينوا غلطه والصواب معهم فذكر البخاري هنا عن ابن عيينة أنه قال سمعته من الزهري مرارا لا يرويه إلا عن عبيدالله بن عبدالله وليس في لفظه إلا قوله ألقوها وما حولها وكلوه وكذلك رواه مالك وغيره وذكر من حديث يونس أن الزهري سئل عن الدابة تموت في السمن الجامد وغيره فأفتى بأن النبي أمر بفأرة ماتت في سمن فأمر بما قرب منها فطرح فهذه فتيا الزهري في الجامد وغير الجامد فكيف يكون قد روى في هذا الحديث الفرق بينهما وهو يحتج على استواء حكم النوعين بالحديث ورواه بالمعنى
والزهري أحفظ أهل زمانه حتى يقال إنه لا يعرف له غلط في حديث ولا نسيان مع أنه لم يكن في زمانه أكثر حديثا منه وياقل إنه حفظ على الأمة تسعين سنة لم يأت بها غيره وقد كتب عنه سليمان بن عبدالملك - كتابا من حفظه ثم استعاده منه بعد عام فلم يخط منه حرفا فلو لم يكن في الحديث إلا نسيان الزهري أو معمر لكان نسبة النسيان إلى معمر أولى باتفاق أهل العلم
بالرجال مع كثرة الدلائل على نسيان معمر وقد اتفق أهل المعرفة بالحديث على أن معمرا كثير الغلط على الزهري قال الإمام أحمد رضي الله عنه فيما حدثه به محمد بن جعفر غندر عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة أسلم وتحته ثمان نسوة فقال أحمد هكذا حدث به معمر بالبصرة وحدثهم بالبصرة من حفظه وحدث به باليمن عن الزهري بالاستقامة
وقال أبو حاتم الرازي ما حدث به معمر بن راشد بالبصرة ففيه أغاليط وهو صالح الحديث وأكثر الرواة الذين رووا هذا الحديث عن معمر عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة هم البصريون كعبدالواحد بن زياد وعبدالأعلى بن عبدالأعلى الشامي
)
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[13 - 11 - 07, 10:26 ص]ـ
أما العمري فليس من رجال المحامل
بارك الله فيكم
هذا لا يخفى على الذهلي لكن ليس هذا موضعه
والأمر يدور على غلبة الظن في مثل هذه الأمور
فمتابعة العمري هنا مفيدة ولها تأثير والله أعلم
على أن ما ذكرتموه بعد ذلك محتمل وله وجه
فحقيقة لو حضر ذلك المشهد لصاح به
فالله أعلم
ـ[أبو أويس المغربي]ــــــــ[13 - 11 - 07, 10:39 ص]ـ
بارك الله فيكم
هذا لا يخفى على الذهلي لكن ليس هذا موضعه
والأمر يدور على غلبة الظن في مثل هذه الأمور
فمتابعة العمري هنا مفيدة ولها تأثير والله أعلم
على أن ما ذكرتموه بعد ذلك محتمل وله وجه
فحقيقة لو حضر ذلك المشهد لصاح به
فالله أعلم
أما أن مثله لا يخفى على الذهلي، فمُسلّم في الغالب، لكن قد يتجوّز أحيانا ويُمشِّي ما لا يمشي ولا يجيء،
ولذلك نبّه صاحبه أبو حاتم أن بابه السلامة،
وهل يصح عند من فقه هذا الشأن وصَلُب فيه عُوده أن يُلَوِّح برواية العمري إزاء رواية الأسطوانة = أعني مالكًا نجم الحفاظ ومُقدَّمهم في الزهري،
اللهم إن هذا لا يكاد يسكن عليه قلبي،
والله المُلْهِمُنا الصواب.
¥