فأفضل أنواع النخل معلوم الأصل يتم تكاثره خضرياً بالفسائل أو بزراعة الأنسجة.
والمؤمن معلوم الأصول الوراثية، وهو ثابت في دينه، لايبتدع، ولايخلط شرع الله بشرع البشر، وإذا صنع ذلك فسد عمله ورد كما يتلف النخل إذا بدل صفاته الوراثية، ولاتؤكل ثماره ولاتباع بسهوله، بل يعلف به الدواب لرداءته.
ثاني عشر: حلو الطعم عديم الرائحة:
فثمار النخلة حلوة الطعم عديمة الرائحة، وكذلك المؤمن الذي يعمل بالقرآن ولايقرؤه، فطعمه حلو ولا رائحة له.
ثالث عشر: تفاوت الدرجات:
فالنخلة أنواع وأجناس وأصناف، منها شديد الحلاوة ممتاز الطعم (كالعجوة وهي تمر المدينة المنورة التي زرعها المصطفى صلى الله عليه وسلم بيديه ومنها جيد الطعم ومع ذلك ففي كل النخل خير، وكذلك إيمان المؤمن يزيد وينقص، والمؤمنون درجات منهم الصديقون ومنهم السابقون ومنهم المذنبون (والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير).
رابع عشر: النخلة لايتساقط ورقها:
الورقة في النبات هي الموضع الرئيس للبناء الضوئي والنتح ورفع العصارة من الأرض، وتثبت ثاني أكسيد الكربون الجوي وطاقة الشمس الضوئية وتشطر الماء لتنتج المواد الغذائية والأكسجين للكائنات الحية وبها تظلل الشجرة الإنسان والحيوان، وعندما تسقط الورقة في النباتات الوسطية، تتوقف العمليات السابقة وتدخل الشجرة في كمون للعام القادم.
أما النخلة فهي من النباتات دائمة الخضرة التي لايتحات (أي يسقط) ورقها فهي دائمة البناء الضوئي وانتاج الأكسجين والتظليل وصعود العصارة.
وهكذا المسلم دائم التلقي من الله ودائم الإنتاج والعبادة طوال العام ولايستغني عن رحمة الله ورزقه وطاعته طرفة عين فهو دائم التلقي والعطاء، كما أن النخلة دائمة التلقي والعطاء.
النخلة ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأصحابه الكرام:
النخلة هي الزرع أي الأصل، والصحابة هم الشطء أي الفسائل وهذا مثل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابه في الإنجيل (ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار) الفتح 29. وقدبينا الاعجاز العلمي في هذه الآية، وكيف يشهد القرآن والنبات بعدالة الصحابة واتباعهم (2).
وصف جميل للنخلة:
قال لقمان لابنه يا بني: ليكن أول شيء تكسبه بعد الإيمان بالله خليلاً صالحاً فإنما الخليل الصالح كالنخلة إذا قعدت في ظلها أظلتك، وإذا احتطبت من حطبها نفعتك، وإذا أكلت من ثمارها وجدته طيباً.
وعن الشعبي أن قيصر ملك الروم كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد فإن رسلي أخبرتني أن قِبَلكم (بكسر القاف وفتح الفاء) شجرة، تُخرج مثل أذان الفيله، ثم تنشق عن مثل الدر الأبيض، ثم تخضر كالزمرد الأخضر، ثم تحمر فتكون كالياقوت الأحمر، ثم تنضج فتكون كأطيب فالوذج (حلوى) أكل، ثم تينع وتيبس فتكون عصمة للمقيم وزاداً للمسافر، فإن تكن رسلي صدقتني فإنها من شجر الجنة.
فكتب إليه عمر رضي الله عنه يقول:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عبد الله أمير المؤمنين إلى قيصر ملك الروم السلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن رسلك قد صدقتك، وإنها الشجرة التي أنبتها الله جل وعز على مريم حين نفست بعيسى فاتق الله ولاتتخذ عيسى إلها من دون الله.
قال أبو حاتم السجستاني رحمه الله في كتابه النخل: النخلة سيدة الشجر مخلوقة من طين آدم – صلوات الله عليه – وقد ضربها الله – جل وعز- مثلاً لقول (لاإله إلا الله) فقال تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة)، وهي قول لاإله إلا الله (كشجرة طيبة) وهي النخلة، فكما أن لا إله إلا الله سيدة الكلام كذلك النخلة سيدة الشجر
وهكذا إخوة الإسلام مثل المؤمن كشجرة لايتحات ورقها فهو كالنخلة في صفاتها ونفعها وجمالها وكرمها وسموها.
بقلم الدكتور نظمي خليل أبو العطا موسى
أستاذ النبات ـ ومدير مركز ابن النفيس في البحرين
www.nazme.net (http://www.nazme.net/)
ــــ
الهوامش:
(1) - مراحل نمو الثمرة وتكوينها – للتفصيل انظر موضوع النخلة في القرآن الكريم والعلم الحديث في كتابنا آيات معجزات من القرآن الكريم وعالم النبات.
(2) - انظر موضوعنا القرآن والنبات يشهدان بعدالة الصحابة.
ـــ
جميع حقوق الموقع محفوظة
لموسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
www.55a.net