وقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في المراسيل (ط دار الرسالة، بتحقيق شكر الله قوجاني)
619ب- حديث ابن سرجس ما يرويه غير معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن عبد الله بن سرجس أن النبي صلى الله عليه وسلم عن البول في الأحجرة.
وقد صَحَّحَ أبو حاتم سماعَ قتادة من عبد الله بن سرجس أيضا:
قال أبو محمد بن أبي حاتم في المراسيل:
640 - سمعت أبي يقول: قتادة عن أبي هريرة مرسلٌ، وقتادة عن عائشة مرسلٌ، ولم يلقَ قتادة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنساً، وعبد الله بن سرجس.
وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في المستدرك (1/ 181):
سَمِعْتُ أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ يَحْيَى بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، يَقُولُ: أَنْهَى عَنِ الْبَوْلِ فِي الأَجْحِرَةِ لِخَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " لا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْجُحْرِ "،
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهَا مَسَاكِنُ الْجِنِّ وَلَسْتُ أَبُتُّ الْقَوْلَ أَنَّهَا مَسْكَنُ الْجِنِّ لأَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ،
هَذَا حَدِيثٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ فَقَدِ احْتَجَّا بِجَمِيعِ رُوَاتِهِ، وَلَعَلَّ مُتَوَهِّمًا يَتَوَهَّمُ أَنَّ قَتَادَةَ لَمْ يَذْكُرْ سَمَاعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، وَلَيْسَ هَذَا بِمُسْتَبْعَدٍ، فَقَدْ سَمِعَ قَتَادَةُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُمْ عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلُ، وَقَدِ احْتَجَّ مُسْلِمٌ بِحَدِيثِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ وَهُوَ مِنْ سَاكِنِي الْبَصْرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(ط دار الكتب العلمية ح667، وطبعة دار الحرمين ح670)
ثالثا: استدلال بعض المعاصرين لنفي سماع قتادة من عبد الله بن سرجس:
قال أبو محمد بن أبي حاتم في المراسيل:
619 - أخبرنا حرب بن إسماعيل – فيما كتب إلي – قال: قال أحمد بن حنبل:
ما أعلم قتادة روى عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسَلَّم، إلا عن أنس.
قيل: فابن سرجس؟
فكأنه لم يره سماعا.
(وهو في مسائل حرب بن إسماعيل، ص 467، ط دار الرشد بتحقيق القاضي ناصر بن سعود)
ففهم بعض المعاصرين من هذا النص أن الإمام أحمد لا يثبت سماع قتادة من عبدالله بن سرجس:
منهم:
1 - مقبل بن هادي الوادعي (الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين، ح 579، ص492، الطبعة الثالثة) وصحح الحديث المذكور
2 - أبو إسحاق الحويني (حجازي بن محمد شريف) في عون المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود، التعليق على الحديث 34، فأورد جانبا من أقوال أهل العلم، وذهب إلى ضعف الحديث، مع إقراره بأن قتادة سمع من عبد الله بن سرجس في الجملة!!
قال أبو إسحاق الحويني: (قلت: الذي يظهر لي أن قتادة سمع من ابن سرجس في الجملة، فقد كانا متعاصرين، كما يفهم من كلام أبي حاتم السابق ......... )
قلت: عبد الله بن أحمد ألزم لأبيه وأعرف به وهو مقدم على حرب في الرواية عنه، فضلا عن كونه آخر من حدث عنه، فما نقله من تصريح الإمام أحمد أولى.
والنصان 4300، 5264 من العلل برواية عبد الله بن أحمد، لم يذكرهما مقبل ولا أبو إسحاق.
ولم يرو قتادة عن عبد الله بن سرجس إلا حديثا واحدا، كما قال أبو محمد بن أبي حاتم.
ويبقى تنبيه على ما نقله العلائي في جامع التحصيل:
قال رحمه الله: في ترجمة قتادة/633/ ص 255 ط3 عالم الكتب:
وصحح أبو زرعة سماعه من عبد الله بن سرجس.
قلت: لم أقف على كلام أبي زرعة، ولا هو ذكر تصحيح أبي حاتم سماع قتادة من عبد الله بن سرجس، وأخشى أن يكون العلائي وهم في هذا، فذكر أبا زرعة مكان أبي حاتم.
والله تعالى أجل وأعلم.
الجواب:
جزاك الله خير الجزاء، وزادك علماً وفضلاً وحرصاً على تتبع آثار سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، ولقد أثلج صدري ما خطه يراعك من معلومات مقرونة بالأدلة مع جزالةِ الألفاظ، وربطٍ مميزٍ بين كلام المتقدمين والمعاصرين، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عِظَمِ هذا العلم في قلبك، وتضلعك فيه.
أخي العزيز، لا يخفى أنَّ الإمام أحمد اختلفت الأقوال عنه في إثبات ونفي سماع قتادة من عبد الله بن سرجس، إلا أنَّ الذي يرجح رواية السماع أنَّ أبا حاتم قد ذكر قتادة ضمن تلاميذه عبد الله بن سرجس وقرنه بعاصم الأحول؛ ليدل بذلك على استوائهما عنده _ أقصد من حيث السماع من عبد الله _ وأيضاً ذكر ابن القيسراني قتادة ضمن كتابه " تذكرة الحفاظ " (107) وقال عنه: ((حدّثَ عن عبد الله بن سرجس)).
ولكن الذي نسير عليه منذ بدايات طلبنا لهذا العلم الشريف إلى ساعتنا هذه نشترط في إثبات سماع الراوي من شيخه: أن يصرح التلميذ بسماعه من شيخه ولو لمرة واحدة، وهذا مذهب إمام الصنعة الإمام البخاري ومذهب شيخه علي بن المديني، وهو الذي عليه الجمهور.
والذي يمنعنا من إثبات سماع قتادة إنَّه لم يصرح بسماعه من عبد الله بن سرجس، وكما هو معلوم فإنَّ قتادة من المعروفين بالتدليس؛ فإذا تجاوزنا عنعنته من شيوخ أكثر عنهم طلبنا سماعه من غيرهم، علماً أنَّ قتادة ليس له في عموم الكتب الستة غير هذا الحديث، وانفرد النَّسائي بتخريجه، فهذه الأمور تمنعنا من إثبات سماع قتادة من عبد الله بن سرجس، فهذا منهجنا الذي نسير عليه في صناعة الحديث، والله أعلم.
ثم إني أحاول أن أسأل: هل تستطيع أن تمر على الشركة العربية لتقنية المعلومات؛ لتسأل عن كتبي الحبيسة عندهم منذ سنوات (مختصر المختصر، واختصار علوم الحديث، والنكت على كتاب ابن الصلاح) وفي الختام: أسأل الله أن يزيدكم من فضله، وأن ينفع بكم.
المصدر:
http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=3114
¥