ذكر بعض أسباب رد المحدّثين له، وكتابه " الجامع الكبير " فيه كثير من القضايا المهمة في مصطلح الحديث.
ثم جاء من بعدهم الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي الحنفي المتوفى سنة (321 ه) إذ ألف رسالة في الفرق بين التحديث والإخبار، والفرق بين المعنعن والمؤنن، وهي موجودة في " شرح مشكل الآثار "، ثم جاء من بعدهم الحافظ محمد ابن حبان البستي المتوفى سنة (354 ه) إذ كتب بعضاً من مسائل مصطلح الحديث في عدد من كتبه فقد ذكر في مقدمة كتابه " الثقات " الرواة اللذين يجوز الاحتجاج بخبرهم وساق شروطهم، ثم قال: ((فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى عن الخصال الخمس التي ذكرتها فهو عدل، يجوز الاحتجاج بخبره)).
ثم ذكر شروط الموثق عنده. أما كتابه " المجروحين " فقد ذكر في مقدمته أنواع الجرح، فكانت عشرين، أما كتابه الأعظم " الصحيح على التقاسيم والأنواع " فقد ضمنه بعض قضايا المصطلح المهمة في مقدمته النفيسة، إذ أجمل شرطه في عنوان الكتاب، ثم بسط كلامه عن هذه الشروط ودافع عن منهجه في التصحيح، ثم تكلم عن أقسام الأخبار من حيث طرقها، وتكلم عن اختلاف الرفع والوقف، والوصل والإرسال، وتكلم على زيادات الثقات في الأسانيد والمتون، ثم تكلم عن رواية أهل البدع، وعن حكم الرواية عنهم، وتكلم عن المختلطين وعن حكم الرواية عنهم، وتكلم عن المدلسين، وعن عدالة الصحابة.
وبعد هذه المرحلة بدأ التدوين بكتب مستقلة في المصطلح ثم جاء من بعدهم القاضي الحسن بن عبد الرحمان الرامهرمزي المتوفى سنة
(360 ه)، فألف كتابه النافع الماتع " المحدِّث الفاصل بين الراوي والواعي " وهو كتاب غير مختص لجمع أنواع علوم الحديث كلها، ولم يقصد من وضعه ذلك، إنما هو كتاب متصل بسنن الرواية والطلب والكتابة ومناهجها، فهو يبحث في أبوابه الأولى في مقدمات عن علم مصطلح الحديث ثم أوصاف طالب الحديث وبعض شروطه وما يتعلق به، ثم تكلم عن العالي والنازل من الأسانيد وما يتعلق به من الرحلة وعدمها، ثم تكلم عمن جمع بين الرواية وتكلم بإجادة وتفصيل عن طرق التحمل وصيغ الأداء ثم تكلم عن اللحن والرواية بالمعنى والمعارضة والمذاكرة والمنافسة وغيرها، واعتمد على نقل الأخبار عن السلف الماضين بالأسانيد، حتى امتدحه أئمة هذا الشأن في صنيعه في هذا الكتاب، فقد قال فيه الذهبي: ((مصنف كتاب المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، وما أحسنه من كتاب، قيل: إن السلفي كان لا يكاد يفارق كمه، يعني في بعض عمره)).
ثم جاء من بعده أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري المتوفى سنة (405 ه)، فألف كتابه " معرفة علوم الحديث " وكتابه هذا أنفس بكثير من كتاب الرامهرمزي، وأكثر جودة؛ لاستيعابه أغلب أنواع علم الحديث وتقسيمه ذلك وتفصيله لأنواعه حتى عده بعضهم أنه رائد التأليف في مصطلح الحديث.
ثم جاء من بعده الحافظ أبو نعيم أحمد بن علي الأصفهاني المتوفى سنة
(430 ه)، فزاد على ما كتب الحاكم وتعقبه في بعض الأمور، بكتاب أسماه:
" المستخرج على كتاب الحاكم " لكنه لم يبلغ الغاية فيه فأبقى فيه – كما يقول ابن حجر – أشياء للمتعقب.
ثم جاء من بعده الحافظ أبو يعلى الخليلي المتوفى سنة (446 ه)، فألف كتابه " الإرشاد في معرفة علماء الحديث "، وقد ذكر في مقدمة هذا الكتاب شيئاً من دقائق علم مصطلح الحديث، فتكلم عن الحديث الصحيح، وشرح شيئاً عن العلة، وتكلم عن الشذوذ وعن الأفراد وعن المنكر والشاذ، وتحدث عن العلو والنزول، وتحدث عن طبقات الحفاظ وأئمة هذا الشأن، ونقاد الأثر، وطبقات فقهاء الصحابة وغيرهم.
ثم جاء من بعدهم الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي المتوفى سنة
(463 ه)، فصنف في قوانين الرواية كتابه المسمى " الكفاية في علم الرواية " كما كتب في أدب الرواية كتاباً سماه " الجامع لآداب الشيخ والسامع "، وكان للخطيب البغدادي دور واسع في مصطلح الحديث، وألف كتباً مستقلةً قي أغلب فنون علم مصطلح الحديث، وبذلك أجمع المنصفون على أن كل من جاء بعده كان عالة على كتبه.
ثم جاء من بعدهم الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي المتوفى سنة
(507 ه) فألف كتاباً في العلو والنزول.
¥