وقال (وكان يقع لي أن حديث أبى هريرة كما ذكرنا مما انقلب على بعض الرواة متنه وأصله، ولعله "وليضع ركبتيه قبل يديه" ... حتى رأيت أبابكر بن أبى شيبة قد رواه كذلك) وذكر رواية الأثرم. وابن أبى شيبة لكنها ضعيفة كما سبق.
2/ ومن أدلة هذا القول ما رواه ابن خزيمة والدارقطني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه على الأرض قبل ركبتيه".
3/ وما جاء عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه وقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار والدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقال الألباني في إرواء الغليل: وهو كما قالا. وصححه ابن خزيمة أيضا.
ونقل الألباني عن الحاكم قوله: القلب إليه أميل ـ يعني من حديث وائل ـ لروايات كثيرة في ذلك عن الصحابة والتابعين. انتهى.
وأثر ابن عمر رواه البخاري في صحيحه معلقاً بصيغة الجزم.
هذه هي محصلة أدلة الفريقين، ولا شك في رجحان أدلة القول الثاني من حيث الثبوت وفي هذا يقول العلامة أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي 2/ 58 (والظاهر من أقوال العلماء في تعليل الحديثين أن حديث أبى هريرة هذا حديث صحيح، وهو أصح من حديث وائل، وهو حديث قولي يرجح على الحديث الفعلي على ما هو الأرجح عند الأصوليين) انتهى.
وقال محققا زاد المعاد: شعيب وعبد القادر الأرنؤوطيان:
(بمراجعة التعليقات السابقة يتبين أن المرجح خلاف ما ذهب إليه المصنف (ابن القيم) وأن حديث أبى هريرة هو المرجح على حديث وائل لصحة سنده، ودعوى الاضطراب فيه منتفية لضعف كل الروايات التي فيها الاضطراب" انتهى.
لكن ينبغي أن يقال هنا: إن رأي الفريق الأول أقوى من حيث النظر، فإن الجميع متفقون على الأخذ بقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير".
ولا شك أن البعير إذا برك يقدم مقدمه (يديه) على مؤخره.
فيكون الحديث دالا على تقديم الركبتين على اليدين، ولا يدفع ذلك ما نقل عن أهل اللغة من أن ركبتي البعير في يديه.
فإن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله "كما يبرك" نهى عن الكيفية، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله (إن البعير إذا برك فإنه يضع يديه أولاً، وتبقى رجلاه قائمتين، فإذا نهض فإنه ينهض برجليه أولاً، وتبقى يداه على الأرض. وهو صلى الله عليه وسلم نهى في الصلاة عن التشبه بالحيوانات، فنهى عن بروك كبروك البعير، والتفات كالتفات الثعلب، وافتراش كافتراش السبع، وإقعاء كإقعاء الكلب ونقر كنقر الغراب، ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل الشمس، فهدي المصلي مخالف لهدي الحيوانات).
وقال ابن القيم أيضا (وسر المسألة أن من تأمل بروك البعبير وعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بروك كبروك البعير، علم أن حديث وائل بن حجر هو الصواب والله أعلم) أنتهى.
والحاصل أن القول بتقديم اليدين على الركبتين أقوى من حيث السند، والقول بتقديم الركبتين أقوى من حيث النظر. ومن المعلوم أن المعول عليه هو حال السند، وعليه فالراجح ـ والله أعلم ـ هو القول بتقديم اليدين.
حديث أبي هريرة أقوى (وليضع يديه قبل ركبتيه)، وماذا يقول شيخنا الكريم؟؟ وهل من تعقيب ..
الجواب:
نعم إنَّ هذه المسألة قد قتلت بحثاً قديماً وحديثاً، وكثر الكلام فيها، بل إن بعضهم صار يوالي ويعادي عليها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والأمر في كل ذلك واسع لاتفاق العلماء على جواز الأمرين لكنهم اختلفوا في الأفضل.
أما الملاحظات على ما كتبت:
أولاً: قول الخطابي أخذته من المجموع على أن قول الخَطّابي في " معالم السنن " 1/ 179.
ثانباً: قلت: لأنه يعتبر حديث منكراً، والصواب: حديثاً.
ثالثاً: قولك: كلاهما صحيحتان وجائزتان، الأجود: كلاهما صحيحة جائزة.
رابعاً: توسعت في ذكر علة القلب، وهي ليست العلة الرئيسة، والأولى التوجه في إعلال الحديث بالعلة الرئيسة.
خامساً: قضية صححه الحاكم ووافقه الذهبي نظرية غير صحيحة ولا مقبولة، وقد تقدم لنا نسفها.
سادساً: أثر ابن عمر قصرت في تخريجه.
سابعاً: قلت: تعليل، والأجود إعلال كما نص عليه البقاعي.
ثامناً: قصرت في التخريج، وإليك التخريج:
¥