تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ماهر]ــــــــ[26 - 10 - 08, 02:30 م]ـ

وقد ذهب بعض العلماء إلى أن كل حديث ثبت عند أبي داود، أو عند النسائي، أو في أي كتاب دون الصحيحين، فإنه لا يبلغ مرتبة الصحيح. السبب في هذا, يقول أن الصحة مختصة بما في الصحيحين، وما خرج عن الصحيحين وإن كان ثابتا فإنه يُعَبَّرُ عنه بالحديث الحسن ..

وهذا فيه نظر، لأن صاحبي الصحيح لم يشترطا استيعاب الأحاديث الصحيحة في كتابيهما، فقد تركا أحاديث كثيرة، بدليل أن أبا عيسى رحمه الله تعالى في جامعه ينقل عن البخاري تصحيح أحاديث كثيرة، كحديث (الطهور ماؤه الحل ميتته) صححه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وهذا هام جدا، لما لم يورده في صحيحه؟ وكأني بي فالذي صحح داخل الصحيح يختلف تماما عن خارج الصحيح، أم هم في درجة واحدة داخل الصحيح أو خارجه؟ أريد توضيحا شيخنا الكريم ..

وكما ذكر ذلك الإمام مسلم رحمه الله تعالى قال: ليس كل حديث صحيح أودعته في كتابي، فهناك أحاديث صحيحة لم يودعها الإمام البخاري ولا مسلم في صحيحيهما.

لفهم هذا الإشكال،يلزم على طالب علم الحديث فهم بعض القواعد والني تكون له بمثابة حصن حصين لاستيعاب بعض الغمود في مصطلح الحديث:

القاعدة الأولى: أنه لا يلزم من ثقة الرواة صحة الحديث.

القاعدة الثانية: أنه لا يلزم من تصحيح أبي عيسى للحديث أو تحسينه أن يكون في نفس الأمر صحيحاً أو حسناً، فقد صحح الإمام أبو عيسى رحمه الله تعالى أحاديث كثيرة، ولم تبلغ مرتبة الصحة، ولا مرتبة الحُسْن، كحديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده، صححه، وهو حديث متروك باتفاق الحفاظ ..

وكحديث عاصم بن عبيد الله، صحح له أبو عيسى، وهو حديث ضعيف عند الأكثر من العلماء.

وليس معنى هذا أن أبا عيسى رحمه الله تعالى متساهل كما يقوله البعض، ومنهم الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى، فقد ذكر في الميزان بأنه متساهل، وهذا غلط، فإن أبا عيسى رحمه الله تعالى ليس بمتساهل في التصحيح:

هو إمام جِهبِذ، إمام حافظ عالم، ولكن له نظرة في بعض الأحاديث لا تعني أنه متساهل في هذا، بدليل أنه يضعِّف أحاديث قد وجدت في صحيح البخاري، وبدليل أن الأحاديث التي اتهم بأنه صححها وهي ضعيفة، قد شاركه في تصحيحها شيخه الإمام البخاري، فهل يعني هذا وصف البخاري بالتساهل؟!!

كلا. ثم إنه لا يجوز رمي العلماء رحمهم الله تعالى بمثل هذه العبارات العامَّة، بالتساهل ونحو ذلك، لأن هذه وجهة نظر، وهي مبنية على أصول، وعلى أمور أخرى. فمن قال عن الترمذي رحمه الله تعالى بأنه متساهل في التصحيح، فلا يُعتمد على تصحيحه فقد غلط، بل الترمذي رحمه الله معتدل، ويُعتَمَد على تصحيحه.

ولكن ليس معنى أنه مُعتَمد على تصحيحه أن ُيوافَق من كل وجه. حتى الإمام أحمد لو صحح أحاديث ربما يختلف معه غيره، فيكون الصواب مع الآخر، فهذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سأله أبو داود عن حديث (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين) أهو موضوع؟ قال: لا، بل هو صحيح.

وأكثر الحفاظ بل كل الحفاظ يضعفون هذا الخبر، فهل يعني أن الإمام أحمد متساهل في هذا، وأن الآخرين متشددون على هذا الاعتبار؟!! لا. هذه وجهات نظر، وهذه اجتهادات عند العلماء رحمهم الله تعالى.

القاعدة الثالثة: أن الحفاظ إذا أجمعوا على تصحيح حديث فلا تَعْدُ هذا إلى كلام غيرهم, وإذا أجمعوا على تضعيف حديث كحديث عائشة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام من غير أن يمس ماء) هذا مجمع على ضعفه، فلا تَعْدُ إلى تصحيح غيرهم، وإذا اختلف الحفاظ الأكابر في تصحيح خبر أو تضعيفه، فلا حرج أن تذهب إلى من تراه أقوى أو أعلم، وحذارِ حذارِ من الهوى ...

فماذا يقول شيخنا الكريم في هذا كله، لأنني استفدت كثيرا من تعقيباتكم وملاحظاتكم؟؟ عسى الله أن ينفعني بها إنه سميع مجيب.

الجواب: الحقيقة: هذه القضية أخذت مني تفكيراً طويلاً وبحثاً حثيثاً، وتلوناً في الحكم بسبب خطورته وتعلقه بجهبذ من جهابذة العلم ألا وهو تلميذ البخاري وخريجه الإمام الترمذي، وكنت وأنا طالب في الجامعة أقول بأنَّ الترمذي متساهلٌ، ولما اختلفت يوماً مع شيخي العلامة الدكتور هاشم جميل سلمته بحثاً كتبته في أسبوع جمعت له فيه 43 حديثاً مما حصل للترمذي فيه من تساهل. ولما كتبت رسالتي الماجستير، وقد كتبت في العلل هالني ما وجدته من جودة عالية لجامع الترمذي وكتابيه في العلل: الصغير والكبير، فتراجعت عن قولي القديم، وتوسطت بقولي: إنَّ للترمذي اصطلاحاته الخاصة، وهذا ما قررته في تعليقي على " شرح التبصرة والتذكرة ".

على أنَّ الترمذي وصفه بالتساهل ثلة من أفذاذ هذا العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وابن عبد الهادي، وهم من هم في العلم والمعرفة. أما الذهبي فقد نقل في ترجمة كثير بن عبد الله المزني من الميزان: (( ............. ؛ لذا لا يعتمد العلماء على تصحيحه)).

وإذا كان يجوز لمثل أولئك العلماء أن يطلقوا هذه الإطلاقات؛ فليس لي ذلك، والترمذي من الأئمة الكبار في هذا الفن، وله أوهام ولكل عالم زلته.

المصدر: http://www.hadiith.net/montada/showthread.php?t=3953

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير