على كل مسلم أنْ يخاف الله تعالى، وأنْ يعلم أنَّ الغيبة معصيةٌ لله وظلم على المغتاب فعلى كل مسلم أنْ يتجنب الكلام في أعراض الناس، وأنْ يعرف أنه إن وجد عيباً في أخيه المسلم فإنَّ فيه عيوباً كثيرة.
فعليك أخي المسلم أنْ تراقب لسانك لتعرف هل أنت واقع في هذا الداء، فإنْ كنت كذلك فاعلم أنَّ من أهم أسباب التخلص من الغيبة أنْ يحفظ الإنسان لسانه، فمن أعظم أسباب السلامة حفظ اللسان، ومن أعظم أبواب الوقاية الصمت في وقته.
ومن أهم أسباب التخلص من الغيبة أن يستشعر العبد أنَّه بهذه الغيبة يتعرض لسخط الله ومقته، وأنَّ قوله وفعله مسجلٌ عليه في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا
أحصاها، وعلى المرء أنْ يستحضر دائماً أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال تعالى: ((مَا يَلفِظُ مِنْ قَولٍ إلاَّ لَدَيهِ رَقيبٌ عَتيدٌ)).
ومن أسباب الخلاص من الغيبة أنّ يستحضر المغتاب دائماً أنه يهدي غيره من حسناته؛ لأنَّ الغيبة ظلم، والظلم يقتص به يوم القيامة للمظلوم من الظالم وقد قال النَّبيُّ
صلى الله عليه وسلم: ((إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار فيتقاصون مظالم كانت بينهم، حتى إذا نُقُّوا وهُذِّبوا، أُذن لهم بدخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده، لأحدهم بمسكنه في الجنة، أدل بمنزله كان في الدنيا)).
فعلى المرء المسلم أنْ يشتغل بإصلاح عيوب نفسه دون الكلام في عيوب الآخرين.
أما سؤال الأخ عمر يحيى: هل الأموات في القبور يفتنون بفتنة المسيح الدجال ويختبرون فيها.
ج: فتنة الدجال للأحياء وليست للأموات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من فتنة المحيا والممات، ومن فتنة الممات أن يأتي الشيطان لابن آدم عند النزع ليفتنه عن دينه قبل أن يموت، نسأل الله السلامة.
أما سؤال الأخ مسلم: 1 - ما رأيكم في تحرير التقريب، وهل التزم مؤلفه بمحاكمة ابن حجر إلى اصطلاحه؟
ج: لي كتاب في تعقب هذا الكتاب ومما كتبت في مقدمته: ((كتاب " الكمال في أسماء الرجال " للحافظ عبد الغني المقدسي أحد حلقات تطورعلم الجرح والتعديل، والذي نال من الاهتمام ما لا ينكره متعقل، ومن ثم تكاثرت فروعه، فكان أحد تلك الفروع كتاب: " تقريب التهذيب " لحافظ عصره بلا مدافع، وإمام وقته بلا منازع أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى -.
ولقد برزت في هذا الكتاب – كما في غيره من كتبه – شخصية الحافظ الناقد الخبير البصير بمواضع الكلام، ومراتب الرواة، وعلل أحاديثهم، فكان خير تعبير عن علم جمٍّ وافر، وذوق ناقد ماهر، فلقي من القبول ما لم يكد يلقه كتاب آخر في موضوعه، ولم يجرأ أحد من الناس على رد أحكام الحافظ – بل: غاية ما كان استدراكات لا يخلو عمل بشري من العوز لها – منذ تأليفه في النصف الأول من القرن التاسع الهجري حتى وقت قريب.
وبينما المسلمون اليوم يعيشون بين صفعة حاقد، وزمجرة جامد، وتسلط كاسد، ظهر في أسواقهم كتاب أسماه مؤلفاه الدكتور بشار عواد معروف والشيخ شعيب الأرنؤوط: " تحرير تقريب التهذيب "، ادعيا فيه تعقب الحافظ في أحكامه، وأنه أخطأ في خمس الكتاب، ولم يكن صاحب منهج و … و … و …، مما وصفا الحافظ من أوصاف ننزه ألسنتنا هنا من القول بها وندع أمرها إلى الحافظ، فهو لا شك خصمهما يوم القيامة.
ومن هنا أخذنا على عاتقنا التصدي لهذا الكتاب، وبيان ما فيه من زيف وزلل وخطأ ووهم، وليس تجمعنا والمؤلفَينِ كراهةٌ، لكن مقالة الحق لا تبقي لصاحبٍ صاحباً، وتدخلك مع من لست تعرف في غير صحبة ودٍّ، ولكن كثرةُ الدعاء لهما بالسداد وحسن الخاتمة كان ديدننا طوال صحبتنا لهما في كتابة هذا العمل، وكلٌ يؤخذ منه ويردُّ عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وربما كتب القلم غاضباً، فقال حينا – في الحقِّ – ما ليس كلُّ الناس ترضى عنه وتقبلُ، فهذا مما نستغفر الله منه – على اعتقادنا بصوابه -، ونعتذر للمحررين عنه – وإن كان مما جنته أيديهم – ونقول لمن قد لا يرتضي:
أَمْرَانِ كَمْ قَضَّا مَضَاجِعَ عَالِمٍ
الحَقُّ مُرٌّ والسُّكُوتُ مَرَارُ
فَلَئِنْ سَكَتَّ فَأَنْتَ تَخْذُلُ حَافِظاً
وَلَئِنْ كَتَبْتَ فَضَجَّةٌ سَتُثَارُ
عَتَبٌ عَلَى قَلَمِ الحَقِيْقَةِ أَخْرَسٌ
¥