، كَأَنَّهُ قَالَ: غَبَرَة فَوْقَهَا غَبَرَة. وَقَالَ غَيْر هَؤُلَاءِ: الْقَتَرَة مَا يَغْشَى الْوَجْه مِنْ الْكَرْب، وَالْغَبَرَة مَا يَعْلُوهُ مِنْ الْغُبَار، وَأَحَدهمَا حِسِّيّ وَالْآخَر مَعْنَوِيّ. وَقِيلَ: الْقَتَرَة شِدَّة الْغَبَرَة بِحَيْثُ يَسْوَدُّ الْوَجْه. وَقِيلَ: الْقَتَرَة سَوَاد الدُّخَان فَاسْتُعِيرَ هُنَا
- قَوْله: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل)
هُوَ اِبْن أَبِي أُوَيْس، وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْر عَبْد الْحَمِيد.
قَوْله فِي الطَّرِيق الْمَوْصُولَة (
يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ فَيَقُول: يَا رَبِّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَيَقُول اللَّه: إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ)
هَكَذَا أَوْرَدَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا، وَسَاقَهُ فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء تَامًّا.
قَوْله: (يَلْقَى إِبْرَاهِيم أَبَاهُ آزَرَ) هَذَا مُوَافِق لِظَاهِرِ الْقُرْآن فِي تَسْمِيَة وَالِد إِبْرَاهِيم، وَقَدْ سَبَقَتْ نِسْبَته فِي تَرْجَمَة إِبْرَاهِيم مِنْ أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيق ضَعِيفَة عَنْ مُجَاهِد أَنَّ آزَرَ اِسْم الصَّنَم وَهُوَ شَاذّ.
قَوْله: (وَعَلَى وَجْه آزَرَ قَتَرَة وَغَبَرَة) هَذَا مُوَافِق لِظَاهِرِ الْقُرْآن (وُجُوه يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَة تَرْهَقهَا قَتَرَة) أَيْ يَغْشَاهَا قَتَرَة، فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّ الْغَبَرَة الْغُبَار مِنْ التُّرَاب، وَالْقَتَرَة السَّوَاد الْكَائِن عَنْ الْكَآبَة.
قَوْله: (فَيَقُول لَهُ إِبْرَاهِيم: أَلَمْ أَقُلْ لَك لَا تَعْصِنِي؟ فَيَقُول أَبُوهُ: فَالْيَوْم لَا أَعْصِيك) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " فَقَالَ لَهُ قَدْ نَهَيْتُك عَنْ هَذَا فَعَصَيْتنِي، قَالَ: لَكِنِّي لَا أَعْصِيك وَاحِدَةً ".
قَوْله: (فَيَقُول إِبْرَاهِيم يَا رَبِّ إِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيّ خِزْي أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَد) وَصَفَ نَفْسه بِالْأَبْعَدِ عَلَى طَرِيق الْفَرْض إِذَا لَمْ تُقْبَل شَفَاعَته فِي أَبِيهِ، وَقِيلَ: الْأَبْعَد صِفَة أَبِيهِ أَيْ أَنَّهُ شَدِيد الْبُعْد مِنْ رَحْمَة اللَّه لِأَنَّ الْفَاسِق بَعِيد مِنْهَا فَالْكَافِر أَبْعَد، وَقِيلَ: الْأَبْعَد بِمَعْنَى الْبَعِيد وَالْمُرَاد الْهَالِك، وَيُؤَيِّد الْأَوَّل أَنَّ فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " وَإِنْ أَخْزَيْت أَبِي فَقَدْ أَخْزَيْت الْأَبْعَد " وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " يَلْقَى رَجُل أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَة فَيَقُول لَهُ: أَيّ اِبْن كُنْت لَك؟ فَيَقُول: خَيْر اِبْن، فَيَقُول: هَلْ أَنْتَ مُطِيعِي الْيَوْمَ؟ فَيَقُول: نَعَمْ. فَيَقُول خُذْ بَارِزَتِي. فَيَأْخُذ بَارِزَتَهُ. ثُمَّ يَنْطَلِق حَتَّى يَأْتِيَ رَبّه وَهُوَ يَعْرِض الْخَلْق، فَيَقُول اللَّه: يَا عَبْدِي اُدْخُلْ مِنْ أَيّ أَبْوَاب الْجَنَّة شِئْت، فَيَقُول: أَيْ رَبِّ أَبِي مَعِي، فَإِنَّك وَعَدْتنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي ".
قَوْله: (فَيَقُول اللَّه: إِنِّي حَرَّمْت الْجَنَّة عَلَى الْكَافِرِينَ) فِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُنَادَى: إِنَّ الْجَنَّة لَا يَدْخُلهَا مُشْرِك ".
قَوْله: (ثُمَّ يُقَال يَا إِبْرَاهِيم مَا تَحْتَ رِجْلَيْك؟ اُنْظُرْ، فَيَنْظُر فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُتَلَطِّخ، فَيُؤْخَذ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّار) فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بْن طَهْمَانَ " فَيُؤْخَذ مِنْهُ فَيَقُول: يَا إِبْرَاهِيم أَيْنَ أَبُوك؟ قَالَ: أَنْتَ أَخَذْته مِنِّي، قَالَ: اُنْظُرْ أَسْفَلَ، فَيَنْظُر فَإِذَا ذِيخ يَتَمَرَّغُ فِي نَتْنِهِ ". وَفِي رِوَايَة أَيُّوب " فَيَمْسَخ اللَّه أَبَاهُ ضَبْعًا " فَيَأْخُذ بِأَنْفِهِ فَيَقُول: يَا عَبْدِي أَبُوك هُوَ، فَيَقُول: لَا وَعِزَّتِك " وَفِي حَدِيث أَبِي سَعِيد " فَيُحَوَّل فِي صُورَة قَبِيحَة وَرِيح مُنْتِنَة فِي صُورَة ضِبْعَان " زَادَ اِبْن الْمُنْذِر مِنْ هَذَا الْوَجْه " فَإِذَا رَآهُ كَذَا تَبَرَّأَ مِنْهُ
¥