- الرب في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام، ويقال ربه، ورباه ورببه. وقيل: (لأن يربني رجل من قريش أحب إلي من أن يربني رجل من هوازن) (هذا من حديث صفوان بن أمية لأبي سفيان يوم حنين قالها لما انهزم الناس أول المعركة من المسلمين انظر: الروض الأنف 4/ 124؛ والنهاية لابن الأثير 2/ 180). فالرب مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرب مطلقا إلا لله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات، نحو قوله: {بلدة طيبة ورب غفور} [سبأ/15]. وعلى هذا قوله تعالى: {ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا} [آل عمران/80] أي: آلهة، وتزعمون أنهم الباري مسبب الأسباب، والمتولي لمصالح العباد، وبالإضافة يقال له ولغيره، نحو قوله: {رب العالمين} [الفاتحة/1]، و {ربكم ورب آبائكم الأولين} [الصافات/126]، ويقال: رب الدار، ورب الفرس لصاحبهما، وعلى ذلك قول الله تعالى: {أذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه} [يوسف/42]، وقوله تعالى: {ارجع إلى ربك} [يوسف/50]، وقوله: {قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي} [يوسف/23]، قيل: عنى به الله تعالى: وقيل: عنى به الملك الذي رباه (وهو قول أكثر المفسرين، ويرجحه قوله: (أكرمي مثواه))، والأول أليق بقوله. والرباني قيل: منسوب إلى الربان، ولفظ فعلان من: فعل يبنى نحو عطشان وسكران، وقلما يبنى من فعل، وقد جاء نعسان.
وقيل: هو منسوب إلى الرب الذي هو المصدر، وهو الذي يرب العلم كالحكيم، وقيل: منسوب إليه، ومعناه، يرب نفسه بالعلم، وكلاهما في التحقيق متلازمان؛ لأن من رب نفسه بالعلم فقد رب العلم، ومن رب العلم فقد رب نفسه به. وقيل: هو منسوب إلى الرب، أي: الله تعالى، فالرباني كقولهم: إلهي، وزيادة النون فيه كزيادته في قولهم: لحياني، وجسماني (راجع: تفسير القرطبي 4/ 122؛ وعمدة الحفاظ: رب). قال علي رضي الله عنه: (أنا رباني هذه الأمة) والجمع ربانيون. قال تعالى: {لولا ينهاهم الربانيون والأحبار} [المائدة/63]، {كونوا ربانيين} [آل عمران/79]، وقيل: رباني لفظ في الأصل سرياني، وأخلق بذلك (قال السمين: فقد اختار غير المختار. عمدة الحفاظ: رب)، فقلما يوجد في كلاهم، وقوله تعالى: {ربيون كثير} [آل عمران/146]، فالربي كالرباني. والربوبية مصدر، يقال في الله عز وجل، والربابة تقال في غيره، وجمع الرب أرباب، قال تعالى: {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} [يوسف/39]، ولم يكن من حق الرب أن يجمع إذ كان إطلاقه لا يتناول إلا الله تعالى، لكن أتى بلفظ الجمع فيه على حسب اعتقاداتهم، لا على ما عليه ذات الشيء في نفسه، والرب لا يقال في التعارف إلا في الله، وجمعه أربة، وربوب، قال الشاعر:
*كانت أربتهم بهز وغرهم ** عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا*
(البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو في ديوان الهذليين 1/ 44؛ والمجمل 2/ 371؛ واللسان (ربب).
قال ابن فارس: والمعاهدون أربة. وبهز: حي من سليم)
وقال آخر:
*وكنت امرأ أفضت إليك ربابتي ** وقبلك ربتني فضعت*
ربوب
(البيت لعلقمة بن عبدة، وهو في ديوانه ص 43؛ والمجمل 2/ 371؛ واللسان (ربب)؛ والمفضليات ص 394.
ومطلع القصيدة:
*طحا بك قلب في الحسان ** بعيد الشباب عصر حان مشيب) *
ويقال للعقد في موالاة الغير: الربابة، ولما يجمع فيه القدح ربابة، واختص الراب والرابة بأحد الزوجين إذا تولى تربية الولد من زوج كان قبله، والربيب والربيبة بذلك الولد، قال تعالى: {وربائبكم اللاتي في حجوركم} [النساء/23]، ورببت الأديم بالسمن، والدواء بالعسل، وسسقاء مربوب، قال الشاعر:
-*- فكوني له كالسمن ربت بالأدم*
(هذا عجز بيت لعمرو بن شأس، يخاطب امرأته، وكانت تؤذي ابنه عرارا، فقال لها:
*فإن عرارا إن يكن غير واضح ** فإني أحب الجون ذا المنكب الغمم*
*فإن كنت مني، أو تريدين صحبتي ** فكوني له كالسمن رب له بالأدم*
أراد بالأدم النحي، يقول لزوجته: كوني له كسمن رب أديمه، أي: طلي برب التمر. انظر: اللسان (ربب)؛ والتمثيل والمحاضرة ص 282؛ وسمط اللآلئ 2/ 803)
¥