والرباب: السحاب، سمي بذلك لأنه يرب النبات، وبهذا النظر سمي المطر درا، وشبه السحاب باللقوح. وأربت السحابة: دامت، وحقيقته أنها صارت ذات تربية، وتصور فيه معنى الإقامة فقيل: أرب فلان بمكان كذا تشبيها بإقامة الرباب، و (رب) لاستقلال الشيء، ولما يكون وقتا بعد وقت، نحو: {ربما يود الذين كفروا} [الحجر/2].
ـ[ابو فراس المهندس]ــــــــ[09 - 07 - 10, 08:41 م]ـ
علم
- العلم: إدراك الشيء بحقيقته؛ وذلك ضربان:
أحدهما: إدراك ذات الشيء.
والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفي عنه.
فالأول: هو المتعدي إلى مفعول واحد نحو: {لا تعلمونهم الله يعلمهم} [الأنفال/ 60].
والثاني: المتعدي إلى مفعولين، نحو قوله: {فإن علمتموهن مؤمنات} [الممتحنة /10]، وقوله: {يوم يجمع الله الرسل} إلى قوله: {لا علم لنا} (الآية: {يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا} سورة المائدة: آية 109) فإشارة إلى أن عقولهم طاشت. والعلم من وجه ضربان: نظري وعملي.
فالنظري: ما إذا علم فقد كمل، نحو: العلم بموجودات العالم.
والعملي: ما لا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات.
ومن وجه آخر ضربان: عقلي وسمعي، وأعلمته وعلمته في الأصل واحد؛ إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم.
قال بعضهم: التعليم: تنبيه النفس لتصور المعاني، والتعلم: تنبه النفس لتصور ذلك، وربما استعمل في معنى الإعلام إذا كان فيه تكرير، نحو: {أتعلمون الله بدينكم} [الحجرات/16]، فمن التعليم قوله: {الرحمن * علم القرآن} [الرحمن/1 - 2]، {علم بالقلم} [العلق/4]، {وعلمتم ما لم تعلموا} [الأنعام/91]، {علمنا منطق الطير} [النمل/16]، {ويعلمهم الكتاب والحكمة} [البقرة/129]، ونحو ذلك.
وقوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} [البقرة/31]، فتعليمه الأسماء: هو أن جعل له قوة بها نطق ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه في روعه وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلا يتعاطاه، وصوتا يتحراه قال: {وعلمناه من لدنا علما} [الكهف/65]، {قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا} [الكهف/66]، قيل: عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه ما لم يعرفهم الله منكرا، بدلالة ما رآه موسى منه لما تبعه فأنكره حتى عرفه سببه، قيل: وعلى هذا العلم في قوله: {قال الذي عنده علم من الكتاب} [النمل/40]، وقوله تعالى: {والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة/11]، فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها.
وأما قوله: {وفوق كل ذي علم عليم} [يوسف/76]، فعليم يصح أن يكون إشارة إلى الإنسان الذي فوق آخر، ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها أنه بالإضافة إلى الأول عليم وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك، ويجوز أن يكون قوله: {عليم} عبارة عن الله تعالى وإن جاء لفظه منكرا؛ إذ كان الموصوف في الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى، فيكون قوله: {وفوق كل ذي عليم} [يوسف/76]، إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده، وعلى الأول يكون إشارة إلى كل واحد بانفراده.
وقوله: {علام الغيوب} [المائدة/109]، فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية.
وقوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول} [الجن/26 - 27]، فيه إشارة أن لله تعالى علما يخص به أولياءه، والعالم في وصف الله هو الذي لا يخفى عليه شيء كما قال: {لا تخفى منكم خافية} [الحاقة/18]، وذلك لا يصح إلا في وصفه تعالى.
والعلم: الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش، وسمي الجبل علما لذلك، وجمعه أعلام، وقرئ: (وإنه لعلم للساعة) (سورة الزخرف: آية 61، وهي قراءة شاذة، قرأ بها الأعمش. انظر: الإتحاف ص 386) وقال: {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام} [الشورى/32]، وفي أخرى: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} [الرحمن/24]. والشق في الشفة العليا علم، وعلم الثوب، ويقال: فلان علم، أي: مشهور يشبه بعلم الجيش. وأعلمت كذا: جعلت له علما، ومعالم الطريق والدين، الواحد معلم، وفلان معلم للخير، والعلام: الحناء وهو منه، والعالم: اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأعراض، وهو في الأصل اسم لما يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به، وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة، والعالم آلة في الدلالة على صانعه، ولهذا أحالنا تعالى عليه في معرفة وحدانيته، فقال: {أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} [الأعراف/185]، وأما جمعه فلأن من كل نوع من هذه قد يسمى عالما، فيقال: عالم الإنسان، وعالم الماء، وعالم النار، وأيضا قد روي: (إن لله بضعة عشر ألف عالم) (أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تعالى: {رب العالمين} قال: الإنس عالم، والجن عالم، وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة.
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال: إن لله عز وجل ثمانية عشر ألف عالم. الدنيا منها عالم واحد. انظر: الدر المنثور 1/ 34)، وأما جمعه جمع السلامة فلكون الناس في جملتهم، والإنسان إذا شارك غيره في اللفظ غلب حكمه، وقيل: إنما جمع هذا الجمع لأنه عني به أصناف الخلائق من الملائكة والجن دون غيرها. وقد روي هذا عن ابن عباس (انظر: البصائر 4/ 95؛ والدر المنثور 1/ 34). وقال جعفر بن محمد: عني به الناس وجعل كل واحد منهم عالما (انظر: البصائر 4/ 95)، وقال (انظر تفصيل النشأتين ص 78): العالم عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه، والصغير وهو الإنسان لأنه مخلوق على هيئة العالم، وقد أوجد الله تعالى فيه كل ما هو موجود في العالم الكبير، قال تعالى: {الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة/1]، وقوله تعالى: {وأني فضلتكم على العالمين} [البقرة/47]، قيل: أراد عالمي زمانهم. وقيل: أراد فضلاء زمانهم الذين يجري كل واحد منهم مجرى كل عالم لما أعطاهم ومكنهم منه، وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمة في قوله: {إن إبراهيم كان أمة} [النحل/120]، وقوله: {أو لم ننهك عن العالمين} [الحجر/70].
¥