[مفاتيح تدبر القرآن]
ـ[أبو محمد الأنصاري]ــــــــ[19 - 07 - 10, 11:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين له الحمد الحسن والثناء الجميل، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبعد فإن أشرف مقامات العبد حين يقف بين يدي ربه تبارك وتعالى، متوجها بكليته إليه، تالياً كلامه مستمتعاً بطول وقوفه بين يديهن متلذذا بذلك الرحيق المختوم الذي يلامس شفتيه بكل كلمة من هذا الكلام الماتع، متمثلاً قول النبي صلى الله عليه وسلم – في الصحيح- "أحب الصلاة إلى الله تعالى طول القنوت" (يعني طول القيام)، ومتمثلاً قوله صلى الله عليه وسلم – فيما رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن حبان وصححه- "إن الله ينصب وجه لوجه عبده في الصلاة ما لم يتلفت" فيا حبذا لو كان ذلك ليلاً والناس نيام وخلا الأحباء بأحبائهم وإنسال فيض المعاني من ذلك القرآن العظيم على القلوب فأزال عنها ران الذنوب، وغسل عنها غبار الغفلة، فأنست بذكر ربها تبارك وتعالى، حتى قال عثمان رضي الله عنه " لو طهرت قلوبنا ما شبعنا من كلام ربنا تبارك وتعالى"، حتى إنه كان رضي الله عنه يقوم بالقرآن كله في ركعة وإنما كان ذلك من حلاوة المناجاة ولذة العبادة والوقوف بين يدي خالق السماوات والأرض تبارك وتعالى.
فالحمد لله تبارك وتعالى على ما أولانا من نعم، لكن يأتي التساؤل المر، والحديث الحائر:
"إنني وفي الفترة الأخيرة لا أحس بحلاوة القرآن، ولا أجد نفسي مع الآيات، لا أنفعل كما كنت في الماضي، لا أبكي مثلما بكى من حولي، ........ إنني أحس بقساوة في قلبي"
هذا وللحق موقف خطير، لا بد من التنبه له، والبحث عن علاجه، كيف لا والله تبارك وتعالى نعى على قوم لا يخشعون لآياته بأنهم قست قلوبهم وحذر الذين آمنوا أن يصيروا مثلهم فقال " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أتوا الكتاب من قبل فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون"، ويقول عبد الله بن دينار " ما ضرب الله عبداً بعقوبة أعظم مكن قسوة القلب".
من هنا كان هذا الحديث والذي أسال الله تعالى أن يكون خالصاً لوجه الكريم نافعاً لي ولجميع المسلمين، وأن يبارك لي ولكم في الأيات والذكر الحكيم، وأرجو من كل أخ وأخت قرأ هذه المادة وانتفع بها وإن كان سمعها قبل ذلك أن لا يبخل علي بدعوة بظهر الغيب أن يطهر الله تعالى قلبي لتدبر آياته أن يغفر لي سابق غدراتي وقبيح فعلي، وأن يعصمني فيما بقي من عمري، وأن يجمعنا جميعاً نتلو هذا القرآن ونتغنى به في جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا – وللأمانة - فإن أصل هذا الموضوع ليس لي فيه جهد إلا نقله وتنسيقه وجعله في صورة دورة تدريبية، أما أصل المحاضرة فهي للدكتور / خالد بن عبد الكريم اللاحم – جزاه الله خيرا-
والآن إلى المادة العلمية
إن الوسيلة الوحيدة لإصلاح النفس وتزكية القلب وحل المشكلات هي العلم
فمن أراد الصلاح والزكاة لنفسه فعليه بالوحيين القرآن الكريم والسنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
لو تأملنا حال سلفنا الصالح بدءً من النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضوان الله عليهم أجمعين- وانتهاءً بالمعاصرين لوجدنا القاسم المشترك بينهم هو قيامهم بالقرآن بالليل، والعمل المتفق عليه بينهم حتى كأنهم تواصوا به هو وردهم من القرآن لا يتركونه في صحة ولا مرض، ولا حضر ولا سفر، ولا سلم ولا حرب، لأنهم يعتبرونه غذاء الروح والقلب، فكانوا أحرص عليه من حرصهم على غذاء أبدانهم.
إن القيام بالقرآن هو السبيل الوحيد لجعل القرآن غضاً طرياً بالقلب، وهو طريق كل عمل صالح آخر.
[لاحظ أن من أول نزل على رسول الله عليه وسلم قول الحق تعالى " يا أيها المزمل () قم الليل إلا قليلاً" فأمر – صلى الله عليه وسلم وأصحابه بقيام الليل قبل أن تفرض عليهم الصلوات لذلك زكت قلوبهم وطهرت، حتى سهل عليهم إتباع الأمر والنهي، وحتى هانت عليهم أنفسهم في سبيل الله، وما ذلك إلا لطهارة قلوبهم وزكاتها، حتى إنك لتعجب لأقوام مثل هؤلاء كانوا يشربون الخمر كالماء وتنزل أية ليس فيها إلا قول الله تعالى "فاجتنبوه" فيقول طلحة وغيره من الصحابة "أرق الدنان يا أنس"، وتعجب من مثل بلال وقد اجتمع صناديد الكفر يبتكرون أساليب العذاب ولا يجد أبلغ من كلمة
¥