واحدة تصيبهم في مقتل " أحد، أحد"]
لقد كثر المؤلفات والمحاضرات في فن السعادة وكل يدعي أن في كتابه الحل الأوحد للسعادة والنجاح، والحق أن الكتاب الوحيد الأحق بهذا الوصف إنما هو القرآن الكريم.
فحينما تنعم بالعيش مع هذا الكتاب فإنك تسير وترقى في مراقي النجاح وسلم الفلاح في الدنيا والآخرة، هذا إذا تعلق قلب العبد بالقرآن وأيقن أنه لا نجاح ولا فلاح له في الدنيا والآخرة إلا بتدبره وتفهمه لكتاب ربه تبارك وتعالى.
ويتضمن هذا البرنامج: خطوات عملية من اتبعها تمكن بإذن الله تعالى من تدبر القرآن الكريم والتأثر به.
ومن يطبق هذه الخطوات بشكل صحيح ومتكامل فسيصل بإذن الله تعالى إلى أعلى المستويات في حب القرآن الكريم وتدبره حتى إنه قد لا يستطيع تجاوز آية واحدة منه من كثرة المعاني التي تتدفق على ذهنه فيها، وقد حدث لكثير من السلف من قبلنا وشهرة هذا الأمر تغني عن ذكره فإن الأحاديث والآثار في ذلك كثيرة مشهورة.
إن فهم القرآن الكريم وتدبره مواهب من الكريم الوهاب جل وعلا يعطيها لمن صدق في طلبها وسلك الأسباب الموصلة إليها بجد واجتهاد.
مادة هذا الموضوع ليست مجموعة نظريات وإنما خطوات عملية تدريبية تحتاج إلى تدرج وتكرار تدريب حتى يصل المتدرب فيها إلى جني الثمار.
يقول ثابت البناني – رحمه الله- كابدت القرآن عشرين سنة، ثم تنعمت به عشرين سنة أخرى.
[فحذار أن تستطيل الطريق أو تستثقل الفترة فإن من أدمن طرق الباب أوشك أن يفتح له، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم " أما الأول فأوى إلى الله فأواه الله، وأما الثاني فاستحيى فاستحيى الله منه، وأما الثالث فاستغنى فاستغنى الله عنه"].
واعلم أن تدبر القرآن الكريم يقوم على قاعدة كلية وتسعة أركان، فلا تفيد الأركان شيئاً بدون القاعدة ولا العكس، والقاعدة وهي البرنامج التدريبي الأول في هذه الدورة: هي حب القرآن
إن أول أمر يفتح هذا الباب هو أن تعلم أن عدم حب القرآن سببه الجهل بقيمته كما في المثل السائر " الذي لا يعرف الشجر يشويه"، وكالطفل تعطيه خمسمائة ريال فيرفض ويطلب ريالاً واحداً وهذا إنما لجهله بقيمة الخمسمائة في حين يعرف قيمة الريال وما يحققه له من مكاسب وملذات.
ومثاله أيضاً أنه لو أعلن عن كتاب صغير الحجم، سهل اللغة، عذب العبارة، من يختبر فيه وينجح يمنح عشرة مليارات فكيف يكون حرصنا على هذا الكتاب وحفظه وفهمه – هذا إذا كانت الجائزة عشرة مليارات- فكيف إذا كانت الجائزة ملكاً عظيماً في الدنيا والآخرة.
التمرين الأول:
الطريق إلى حب القرآن
إن تحصيل حب القرآن يكون بأمرين:-
1 - الاستعانة بالله عز وجل: ويكون بدعائه تبارك وتعالى والثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأحسنها قول النبي – صلى الله عليه وسلم – " اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضائك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني وذهاب همي وغمي.
وقد تضمن هذا الدعاء عدة معانٍ منها:-
- تحقيق العبودية لله عز وجل وبيان حقيقة لا إله إلا الله.
- الإذعان التام لله عز وجلز
- الاستغفار والتوبة التي هي مفتاح كل خير.
فيكرر العبد هذا الدعاء كل يوم ويتحرى مواطن الإجابة.
2 - فعل الأسباب: وخيرها وأنفعها العلم، وخير العلم القراءة، أي القراءة عن عظمة هذا القرآن مما ورد في القرآن والسنة وعبارات السلف رضوان الله عليهم.
اقرأ كثيراً عن عظمة القرآن من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن كلام السلف، فلا شك أن ذلك سوف يولد في القلب محبة لهذا القرآن، ومحبة القرآن هي المفتاح الأعظم لتدبره وتفهمه وكل كلام في تدبر القرآن متوقف على هذا الشرط " حب القرآن" وهذا هو السر أن بعضنا ربما يقرأ القرآن كثيراً خاصة في رمضان حينما يقبل عليه ويريد أن يتأثر به مثل ما يقرأ عن السابقين ويرى من اللاحقين، فلا يستطيع إلى ذلك سبيلاً فلا بد أولاً من تحقق هذا الشرط " حب القرآن" ثم تأت بعد ذلك المفاتيح التسعة لتدبر القرآن والتي هي كالأعمدة لهذا البنيان.
واجب رقم (1)
¥