ولو قدِّر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتكبير لبعض من أقرأه: كان غاية ذلك يدل على جوازه، أو استحبابه، فإنه لو كان واجباً: لما أهمله جمهور القراء، ولم يتفق أئمة المسلمين على عدم وجوبه، ولم ينقل أحد من أئمة الدين أن التكبير واجب، وإنما غاية من يقرأ بحرف ابن كثير أن يقول: إنه مستحب، وهذا خلاف البسملة، فإن قراءتها واجبة عند من يجعلها من القرآن، ومع هذا فالقراء يسوغون ترك قراءتها لمن لم ير الفصل بها، فكيف لا يسوغ ترك التكبير لمن ليس داخلا في قراءته؟ " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (13/ 417 - 419).
وقال – رحمه الله -:
" والتكبير المأثور عن ابن كثير ليس هو مسنداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسنده أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلا البزي، وخالف بذلك سائر من نقله، فإنهم إنما نقلوه اختياراً ممن هو دون النبي صلى الله عليه وسلم، وانفرد هو برفعه، وضعَّفه نقلة أهل العلم بالحديث والرجال من علماء القراءة وعلماء الحديث، كما ذكر ذلك غير واحد من العلماء " انتهى.
" مجموع الفتاوى " (17/ 130).
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
بعض قراء القرآن يفصلون بين السورة والأخرى بقول " الله أكبر " دون بسملة، هل يجوز ذلك، وهل له دليل؟
فأجاب:
هذا خلاف ما فعل الصحابة رضي الله عنهم من فصلهم بين كل سورة وأخرى بـ " بسم الله الرحمن الرحيم "، وخلاف ما كان عليه أهل العلم من أنه لا يفصل بالتكبير في جميع سور القرآن.
غاية ما هناك أن بعض القراء استحب أن يكبر الإنسان عند ختم كل سورة من الضحى إلى آخر القرآن مع البسملة بين كل سورتين، والصواب: أنه ليس بسنة؛ لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالمشروع أن تفصل بين كل سورة وأخرى بالبسملة " بسم الله الرحمن الرحيم " إلا في سورة " براءة " فإنه ليس بينها وبين الأنفال بسملة " انتهى.
" فتاوى إسلامية " (4/ 48).
وقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله - في كتابه " بدع القراء " (ص 27) سبعة أمور تتعلق بختم القرآن نذكر منها:
التكبير في آخر سورة الضحى إلى آخر سورة الناس داخل الصلاة أو خارجها.
ثم قال:
" فهذه الأمور السبعة: لا يصح فيها شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن صحابته رضي الله عنهم، وعامة ما يُروى في بعضها مما لا تقوم به الحجة، فالصحيح عدم شرعية شيء منها " انتهى.
وألَّف شيخ المقرئين في المدينة النبوية الشيخ إبراهيم الأخضر رسالة بعنوان " تكبير الختم بين القراء والمحدثين "، وقد ذكر في خاتمة هذه الرسالة ما نصه:
" ومن خلال ما تقدم من بحث أحوال الروايات، وتحقيق سندها، وتراجم رجالها: لم نجد غير رواية البزي - كما ذكر العلماء -، وهي رواية تسلسلت بالضعفاء والمجروحين، ولم تعضدها رواية أخرى من غير طريق البزي، وذلك كما صرح كثير من علماء الروايات، على أن بعضاً من مشاهير القراء كابن مجاهد في كتابه " السبعة " لم يورد التكبير، وكذلك أبو القاسم الهذلي في كتابه " الكامل " لم يورد التكبير أيضاً، وهذا مما يدل على عدم ثبوت الرواية عندهما، والله أعلم ...
وبهذا فلا نثبت سنَّة بخبر كهذا، بل الأفضل والأولى تركه سواء في رواية البزي أو رواية غيره من القراء، وذلك صوناً لكتاب الله، وتجريداً له عن كل ما ليس منه ممن يظن أنه سنَّة وهو ليس بسنَّة، والحمد لله رب العالمين " انتهى.
ثانياً:
وقد ذُكر في سبب التكبير أسباب عديدة، أشهرها أنه صلى الله عليه وسلم كان قد انقطع عنه الوحي مدة، فلما عاد بعد انقطاع نزل عليه بسورة الضحى، وفيها (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى) فكبَّر فرحاً بهذا، وهذا لو صحَّ فإنه لا يدل على استحباب التكبير الذي قال به بعض القراء، وذلك من وجوه:
1. أنه ليس فيه تكبير من بعد كل قراءة للسورة.
2. وليس فيه أنه كبَّر إلى سورة الناس.
3. وأنه كان التكبير مرة واحدة ولسبب مجيء الوحي بعد انقطاعه.
4. وأنه ليس في كل السور الأخرى ما في سورة الضحى من معاني.
على أن هذه الرواية لم يأتِ لها سند صحيح بل ولا ضعيف.
قال الإمام ابن كثير – رحمه الله -:
" وذكر القرَّاء في مناسبة التكبير من بعد سورة الضحى: أنه لما تأخر الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتر تلك المدة ثم جاءه الملَك فأوحى إليه: (وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) السورة بتمامها: كبَّر فرَحاً، وسروراً.
ولم يُروَ ذلك بإسناد يُحكم عليه بصحة أو ضعف، فالله أعلم " انتهى.
" تفسير ابن كثير " (8/ 423).
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
ـ[كاوا محمد ابو عبد البر]ــــــــ[20 - 08 - 10, 08:24 م]ـ
جازاك الله خيرا
ـ[أبوالفداء المصري]ــــــــ[20 - 08 - 10, 08:43 م]ـ
هل كل القراء يقولون بالتكبير أم فيها خلاف
¥