وهذه الآية مما اختلف فيه المفسرون اختلافاً كبيراً على أقوال عدة.
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: " هذه الآية الكريمة من أصعب الآيات تحقيقاً؛ لأن حمل النكاح على التزويج لا يلائم ذكر المشركة والمشرك، وحمل النكاح فيها على الوطء لا يلاءم الأحاديث الواردة المتعلقة بالآية " [4] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn4).
وعلى كل حال فإن هذه الآية مما ينفر عن الزنى سواء قلنا إنها بمعنى الوطء، أو قلنا إنها بمعنى التزويج.
5 - حَد القذف، ثم جاء سياق الآيات على ذكر حكم القذف وذكر حَدّه وعقوبته.
وهذا الحد فيه محافظةٌ على الأعراض وعدم التعرض لها بسوء، فقد تكون المرأة عفيفةً صالحةً غافلةً عن الشرور، ولكن قد يأتي بعضُ ضعاف النفوس ويتكلم عليها بكلام سيئ، يقدح في عرضها وعفتها، والنفوس البشرية تميل إلى استماع مثل هذا الكلام وتصديقه، فينتج عن ذلك بعض آثار الزنى الحقيقي، وهو: تفكك الأسرة وما يعقب ذلك من مساوئ، وكذلك الشك في نسب الأولاد، والكثير من المفاسد.
لذا وضع الإسلام حداً لهذه الجريمة بأن رَتّب عقوبة على من يفعل ذلك.
ثم استرسل السياق القرآني في ذكر الملاعنة وهي قذف الرجل زوجته، وما يتبع ذلك على تفصيل بديع.
6 - ذكر حادثة الإفك، وهي حادثةٌ مشهورةٌ [5] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn5) نزلت فيها هذه الآيات العظيمة من سورة "النور".
وهي مثال لذلكم القذف الذي أشارت له الآيات السابقات، وقد وقع في حياة النبي r ، والتنفير من القذف و الزنى في هذه الآيات من وجوه:
1 - أن الله تعالى سماه إفكاً، وهو الكذب والبهتان والافتراء، ويلحظ من ذلك شناعة هذه التهمة.
2 - أن الله تعالى قال: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور/15].
3 - قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النور/19]
قال الإمام ابن جرير الطبري –رحمهالله-: " إن الذين يحبون أن يذيع الزنى في الذين صَدّقوا بالله ورسوله. ويظهر ذلك فيهم = لهم عذاب أليم " [6] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn6) .
وهذا العذاب لمجرد الحب، فكيف بما فوقه.
ثانيا: العلاج والمخرج من الوقوع في براثن الزنى من خلال سورة النور:
عالجت هذه السورة الكريمة جريمة الزنى بعدة حلول ناجعة نافعة، وهي كالتالي:
1 - عدم إتباع خطوات الشيطان: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ) [النور/21]، وذلك ظاهرٌ – والله أعلم – في البعد عن كل ما يثير هذه الشهوة لدى الإنسان، كالذهاب لبعض الأماكن التي يحتمل أن ترى فيها بعض النساء الكاسيات العاريات ونحو ذلك، لذا قال الله تعالى بعد ذلك: (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) [النور/21] ومن ذلك:
2 - عدم الدخول على البيوت بدون استئذان أهلها: وذلك لأن أهل البيت عادةً ما يتخففون من الثياب في البيت، فإذا دخل الداخل بدون استئذان وسلام ربما وَقَعَ بصرُه على عورةٍ محرمةٍ فتوقع في نفسه ما توقع، ولذا قد قال النبي r: " إنما جعل الله الإذن من أجل البصر" [7] ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn7) .
1. غض البصر: وهو العلاج الأكبر للبعد عن الزنى ودواعيه، قال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور/30]
وكذلك هذا الأمر موجه للمؤمنات (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور/31]
¥