تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تحرير قول شيخ الإسلام؛ ابن تيمية في قوله تعالي ((أأمنتم من في السماء)) وما جري مجراها ......]

ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[19 - 09 - 10, 07:42 م]ـ

تحرير قول شيخ الإسلام؛ ابن تيمية في قوله تعالي ((أأمنتم من في السماء)) وما جري مجراها ..................

قوله تعالى: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ} [الملك:16]

المتأمل في هذه الآية وأضرابها يجد أن العلماء وأهل الإثبات من المفسرين لهم في هذه الآية قولان؛

الأول: أن (في) هنا بمعنى على واستدلوا بأن هذا من التناوب بين الحروف وقد جاء في اللغة كثيراً، بل في القرآن الكريم ومنه قوله تعالى: {قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ} [الأنعام:11] فليس المعنى أنهم يدخلون في جوف الأرض، بل المراد السير عليها، وكقوله تعالى في قصة موسى ـ عليه السلام ـ: {وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه:71]، ومعلوم أنه لن يدخلهم في الجذوع، وإنما يصلبهم عليها، إلي غير ذلك، ((وهذا القول مبني علي القول بتناوب حرف الجر)).

الثاني: أن السماء يقصد بها العلو، ((وليست السماء المبنية))، وقالوا هذا جاء في القرآن أيضا، ومنه قوله تعالي: {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} فالمراد العلو لأن الماء ينزل من السحاب لا من السماء التي هي السقف المحفوظ.

راجع شرح الواسطية لابن عثيمين ((1/ 389))، وشرح القواعد المثلي ((286)).

... والمتأمل في كلام شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالي ـ يجد أنه لم يذكر في الآية ((من رأيه)) علي حد بحثي إلا القول الثاني {أن السماء بمعني العلو} راجع ((مجموع الفتاوي 3/ 53، 16/ 68 ـ 69، 106)) وهذا والله أعلم يرجع إلي أن شيخ الإسلام لا يؤيد ((فكرة التناوب المطلق ـ هكذا ـ في اللغة)) كما ذكر ذلك في مقدمته فقال "" وَالْعَرَبُ تُضَمِّنُ الْفِعْلَ مَعْنَى الْفِعْلِ وَتُعَدِّيهِ تَعْدِيَتَهُ وَمِنْ هُنَا غَلِطَ مَنْ جَعَلَ بَعْضَ الْحُرُوفِ تَقُومُ مَقَامَ بَعْضٍ كَمَا يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: ?لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ? أَيْ مَعَ نِعَاجِهِ و ?مَنْ أَنْصَارِي إلَى اللَّهِ? أَيْ مَعَ اللَّهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ

وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ نُحَاةُ الْبَصْرَةِ مِنْ التَّضْمِينِ فَسُؤَالُ النَّعْجَةِ يَتَضَمَّنُ جَمْعَهَا وَضَمَّهَا إلَى نِعَاجِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ?وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ?ضُمِّنَ مَعْنَى يُزِيغُونَك وَيَصُدُّونَك وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ?وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا? ضُمِّنَ مَعْنَى نَجَّيْنَاهُ وَخَلَّصْنَاهُ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ?يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ? ضُمِّنَ يُرْوَى بِهَا وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ ""

[وقد عقد ابن هشام في كتابه (مغني اللبيب) الباب السادس في

التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها، وذكر منها

ص 861، قولهم: " ينوب بعض حروف الجر عن بعض "، وقال:

"هذا مما يتداولونه ويستدلون به، وتصحيحه بإدخال (قد) على

قولهم: "ينوب ... "، وحينئذ يتعذر استدلالهم به، إذ كل موضع

ادعوا فيه ذلك يقال لهم فيه: لا نسلم هذا مما وقت فيه النيابة، ولو

صح قولهم لجاز أن يقال: مررت في زيد، ودخلت من عمرو،

وكتبت إلى القلم، على أن البصريين ومن تابعهم يرون في الأماكن

التي ادعيت فيها النيابة أن الحرف باق على معناه، وأن العامل ضمن

معنى عامل يتعدى بذلك الحرف، لأن التجوز في الفعل أسهل منه

في الحرف " اهـ

وذكر في الباب الثامن الذي عقده في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما

لا ينحصر من الصور الجزئية، ذكر ص897 " القاعدة الثالثة: قد

يشربون لفظاً معنى لفظ فيعطونه حكمه، ويسمى ذلك تضمينا ً،

وفائدته أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين " اهـ

وهذه المسألة من مسائل الخلاف بين الكوفيين والبصريين، فالقول

بجواز جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، هو قول أكثر الكوفيين

، بخلاف البصريين. انظر: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين

: البصريين والكوفيين (1/ 266)، الجنى الداني ص 46، مغني

اللبيب ص150 - 151. ونصر قول البصريين ابن جني في الخصائص

(2/ 306 - 310، 435)، ونسبه للمحققين المرادي في الجنى الداني

ص 46، ونسب ابن القيم في بدائع الفوائد (2/ 21) طريقة

الكوفيين إلى ظاهرية النحاة، ومذهب البصريين إلى فقهاء أهل

العربية.]

انظر شرح مقدمة في أصول التفسير ((د. محمد بازمول ط. دار

الإمام أحمد ص. 104/ 113))

والله أعلم ..... ،

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير