قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (69 العنكبوت)، ومعروف أنه من سار على الدرب وصل، ومن جد وجد، ومن زرع حصد، ومما يعرفه الناس عن النملة أنها تحاول الرقي إلى مكان مرتفع وقد تفشل في الوصول إلى غايتها وتسقط، ولكنها لا تكل أو تمل وتبذل جهداً مضاعفاً إلى أن يتكلل جهدها بالنجاح، وهذا هو ما ينبغي فعله لمن أراد حفظ القرآن الكريم.
9 - تفريغ وقت يومي للحفظ:
سواء أكان ذلك بعد الفجر أو بعد العصر أو بعد المغرب ... إلخ، كل حسب ما يناسبه. وكون مكان الحفظ في المسجد أولى لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سبق « ... أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد»، ومعلوم أن الجو في المسجد مهيأ لهذا الأمر، وغيره ليس مثله. وكونه- أي الحفظ - مع مجموعة أفضل لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده»،ولأن الجماعة عنصر مساعد ومشجع، والإنسان قد يصاب بكسل وفتور، فتدفعه الجماعة إلى المواصلة، ولذا قيل (الصاحب ساحب).
10 - اختيار شيخ مجيد للتلقي عليه:
ولذا قرر أهل العلم أنه لا يصح التعويل في قراءة القرآن الكريم على المصاحف وحدها، بل لابد من التلقي على حافظ متقن متلق عن شيخ، ولذا قال سليمان بن موسى: (كان يقال: لا تأخذوا القرآن من الصحفيين)، وقال سعيد التنوخي: (كان يقال: لا تحملوا العلم عن صحفي، ولا تأخذوا القرآن عن مصحفي)، ولكون قراءة القرآن الكريم مبناها على التلقي والسماع جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول: (والله لقد أخذت من في رسول الله بضعاً وسبعين سورة)، وذكر ابن حجر في الفتح بيان كيفية أخذ عبد الله لبقية القرآن الكريم فقال: (زاد عاصم عن بدر عن عبد الله: وأخذت بقية القرآن عن أصحابه)، ولأهمية التلقي في تعلم القرآن الكريم نجد أن بعض الصحابة كانوا يوجهون طلابهم إلى ضرورة التلقي عن المتلقي، فعن معد يكرب قال: «أتينا عبد الله فسألناه أن يقرأ علينا: طسم المائتين فقال: ما هي معي ولكن عليكم مَن أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم خباب بن الأرت قال: فأتينا خباب بن الأرت فقرأها علينا، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض جبريل بالقرآن الكريم كل عام مرة وعام وفاته مرتين، وكان يأمر أصحابه بالتلقي فيقول: «اقرأوا القرآن من أربعة نفر: من ابن أم عبد، ومن أبي بن كعب، ومن سالم مولى أبي حذيفة، ومن معاذ بن جبل».
11 - اختيار مصحف معين في الحفظ حتى ترسخ مواضع الآيات في الذهن ولا يكون هناك تشتت ..
12 - الحرص على الابتداء في الحفظ من آخر المصحف وبخاصة صغير السن أو ضعيف العزيمة، حتى يشعر أنه قد أنجز شيئاً في فترة وجيزة، حيث إن السور أكثر عدداً وأقل صعوبة ولديه خلفية عنها عن طريق مقررات القرآن الكريم في المدارس النظامية.
13 - دعاء الله تعالى بالتوفيق والتمكين من الحفظ واللجوء إليه في ذلك لأن حفظ القرآن الكريم منة من الله و هبة.
خطوات عملية مقترحة لحفظ القرآن الكريم:
1 - تحديد مقدار معين لحفظه في جلسة واحدة في حدود طاقة القارئ، وينبغي له أن لا يزيد كمية المقدار كثيراً في أيام حماسه وبخاصة في بداية الحفظ، حتى لا يكل أو يمل أو يصاب بالإحباط حين لا يستطيع المحافظة على ذلك المقدار، وبالتالي يؤدي ذلك إلى تركه الحفظ بالكلية، بل عليه أن يربي نفسه على المرونة في تحديد المقدار جاعلاً نصب عينيه أن أهم قضية هي الاستمرار اليومي في الحفظ لا غير.
2 - قراءة المقدار المعين على الشيخ المختار من المصحف قبل مباشرة الحفظ، وتلزم هذه الخطوة إذا كان القارئ لا يجيد قراءة الرسم العثماني.
3 - قراءة القارئ المقدار المحدد للحفظ من المصحف بينه وبين نفسه لإصلاح النطق في الكلمات التي لم يجد قراءتها.
4 - أن يحفظ القارئ المقطع آية آية، ويقوم بربط الآية الثانية بالتي تليها وإذا كانت الآية الواحدة تقل عن سطر فآيتين آيتين بحيث لا يتم الزيادة على سطرين أو ثلاثة في المرة الواحدة.
¥