تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال: (( ... لأن دعوى المدعي نسخ آية يحتمل أن تكون غير منسوخة بغير دلالة على صحة دعواه تحكم والتحكم لا يعجز عنه أحد)) ط: الحلبي / 2: 190.

وقال: (( ... فإذ كان قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه الله) محتملا ما ذكرنا من الأوجه، لم يكن لأحد أن يزعم أنها ناسخة أو منسوخة إلا بحجة يجب التسليم لها؛ لأن الناسخ لا يكون إلا بمنسوخ، ولم تقم حجة يجب التسليم لها بأن قوله: (فأينما تولوا فثم وجه الله) معني به: فأينما توجهوا وجوهكم في صلاتكم فثم قبلتكم ... )) ط: الحلبي / 1: 505.

ثالثًا: النسخ في الأحكام أما الأخبار فلا تُنسخ:

قال الطبري: (( ... وذلك أن يحول الحلال حراما، والحرام حلالا، والمباح محظورا، والمحظور مباحا، ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي والحظر والإطلاق والمنع والإباحة، فأما الأخبار فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ)) ط: الحلبي / 1: 475.

وقال: (( ... والأخبار لا يكون فيها نسخ، وإنما النسخ يكون في الأمر والنهي)). ط: الحلبي / 30: 12

أثر عدم العمل بمفهوم النسخ الاصطلاحي عند الطبري:

المثال الأول:

قال الطبري: ((وقد روي عن مقاتل بن حيان في ذلك ما حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي قال ثنا عمرو بن أبي سلمة قال سألت أبا معاذ الخرساني عن قول الله: (لابثين فيها أحقابا)، فأخبرنا عن مقاتل بن حيان، قال: منسوخة، نسختها: (فلن نزيدكم إلا عذابا).

ولا معنى لهذا القول؛ لأن قوله: (لابثين فيها أحقابا) خبر، والأخبار لا يكون فيها نسخ، وإنما النسخ يكون في الأمر والنهي)). ط: الحلبي /30: 12.

ولو حُمِلَ كلام مقاتل بن حيان على مفهوم النسخ عند السلف ـ وهو مطلق الرفع لشيءٍ من معنى الآية أو حكمها، وهو أعم من المصطلح الذي ذكره الطبري ـ لما كان في الأمر إشكالٌ، ويكون مراد مقاتل أنَّ الآية الأخرى تبين أنهم إذا انتهوا من عذابٍ في هذه الأحقاب، فإنه يزاد عليهم العذاب بعد ذلك، ويكون قول مقاتل من باب بيان المجمل، وبيان المجمل نوع من النسخ الذي يقع في الآية على مصطلح النسخ عند السلف.

المثال الثاني:

قال الطبري: ((حدثنا أبو كريب قال ثنا عثمان بن سعيد قال ثنا خالد عن حسين بن قيس عن عكرمة عن بن عباس في قوله: (كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، قال: نسختها: (قالوا سمعنا وأطعنا).

وهذا قول لا معنى له لأن نسخ الأحكام من قِبَلِ الله جل وعز لا من قبل العباد وقوله: (قالوا سمعنا وأطعنا) خبر من الله عن عباده المؤمنين وأنهم قالوه، لا نسخ منه)) ط: الحلبي / 2: 344.

وهذا القول المذكور عن ابن عباس مشكلٌ يحتاج إلى بيانٍ، فأقول:

1 ـ إن النسخ الذي ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما ليس النسخ الاصطلاحي عند ابن جرير، وذلك ظاهر بلا ريب.

2 ـ أن مصطلح النسخ عند ابن عباس ـ وغيره من السلف ـ له ثلاثة أحوال:

الأول: أن يراد به نسخ حكمٍ شرعي بحكم شرعي آخر، كما هو النسخ الاصطلاحي عند المتأخرين.

الثاني: أن يكون المراد بالنسخ رفع جزء من حكم أو خبرٍ، ويكون ذلك بتخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو بيان مجمل، أو استثناءٍ.

أورد الطبري عن ابن جريج، قال: ((قال الله تعالى ذكره: (من كفر بالله من بعد إيمانه)، ثم نسخ واستثنى فقال: (ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها غفور رحيم))) ط: الحلبي / 14: 183. وكذا رواه عن الحسن وعكرمة في الآية نفسها. وينظر عن ابن عباس (18: 110).

وهذا نص صريح واضح في ترادف النسخ والاستثناء عندهم، وقس عليه غيره من المصطلحات الأخرى.

الثالث: أن يُنسخ توهمُ معنى غير مراد بالآية (ينظر: فتاوى شيخ الإسلام 13:272 ـ 273).

وذلك مثل ما رواه مسلم عن أبي هريرة، قال: ((لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير) اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله، كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير