وذلك لأنه تعالى قال: {وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً} فمن نعم الله علينا أن فصل لنا القرآن فالحرام بين والحلال بين، وما أُجمل فى القرآن فصلته سنة النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال تعالى {وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} وهذه عامة فى كل أهل الأهواء والضلال، يعلمون أن هذه الدعوة هى دعوة الحق، ولكن تأبى نفوسهم المريضة إلا معاداتها اتباعا لشهواتهم، نسأل الله السلامة.*
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} فما وعد الله به أهل الحق من النصر والتمكين قادم لا محالة لذلك قال سبحانه: {لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ} فلا تبديل لكلمات الله الكونية، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، ثم ذيل جل وعلا الأية {وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} لأن من عمل بمقتضى هذين الإسمين، لن يتكلم إلا بالحق لأن الله يسمعه، وأيضا لن يبطن خلاف ما يظهر، لأن الله جل فى علاه يعلم السر وأخفى، فكثير من الضلالات والبدع تزين وتعرض باسم الدين فمن وحد الله فى اسمه العليم وعلم أنه سبحانه يعلم ما بداخله لن يتجرأ على فعل ذلك.
ثم قال تعالى {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} فهذه هى علامة الضالين المضلين يتبعون الظن، لا تجد أحد من أهل البدع والأهواء يتكلم بدليل من كتاب أو سنة، إنما هى أرآء وأهواء وتحكيم للعقل، وهم أكثر أهل الأرض فعلينا ألا نغتر بكثرتهم كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله " اتبع طريق الهدى ولا يهمك قلة السالكين، ولا تتبع طريق الضلال ويغرك كثرة الهالكين "*
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} فإن كان الله جل وعلا يعلم أنك من المهتدين، فهل يضرك أن يقول من فى الأرض جميعا أنك من الضالين؟!!!!
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
ـ[حسن علي محمد]ــــــــ[13 - 11 - 10, 03:43 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو سفيان الأثرى المصرى]ــــــــ[13 - 11 - 10, 06:03 م]ـ
وجزاك بالمثل أخى الكريم.
ـ[أبو سفيان الأثرى المصرى]ــــــــ[15 - 11 - 10, 12:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وبعد،
قال جل فى علاه: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَالْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك:2]
وجدت فى تزيل هذه الآية باسمى العزيز الغفور معنى جميل قال تعالى {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْأَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ} فالله جل وعلا أتى باسم العزيز بعد أحسن عملا إشارة أن أحسن الأعمال هى التى تقترن بالذل، فأحسن الأعمال هى الخالصة لله تعالى وعلى طريقة النبى صلى الله عليه وسلم المقترنة بالذل التام لأنه سبحانه عزيز، فكأن الله أراد أن يبين لنا أن أحسن الأعمال هى المصاحبة للذل {أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ} فمن عمل بمقتضى هذا الاسم وذل للعزيز، نال حظه من الاسم الذى يليه {الْغَفُورُ} فينال العبد المغفرة بذله لله تعالى، لذلك زيل جل وعلا الأية {وَهُوَالْعَزِيزُ الْغَفُورُ} فمن تعبد بالإسم الأول نال حظه من الثانى، والله أعلم.
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات
ـ[مهندس ماهر]ــــــــ[15 - 11 - 10, 02:10 ص]ـ
بارك الله فيك
ـ[أبو سفيان الأثرى المصرى]ــــــــ[15 - 11 - 10, 09:37 م]ـ
وفيك بارك؛
جزاك الله خير.
ـ[أبو سفيان الأثرى المصرى]ــــــــ[15 - 11 - 10, 09:38 م]ـ
كل عام وأنتم فى أحسن حال؛
تقبل منا ومنكم؛
عيد مبارك عليكم يا أهل الحديث.
ـ[أبو سفيان الأثرى المصرى]ــــــــ[22 - 11 - 10, 05:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبى بعده وعلى آله وصحبه وبعد،
قال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ .... } [آل عمران: 2 - 4]
جاء فى خاطرى فى صلاة الصبح والإمام يقرأ هذه الأية لطيفة فى ذكر اسمى الْحَي الْقَيُّوم قبل ذكر انزال الكتب السماوية، وهى:
لما كانت حياة الناس لا تستقيم ولا تصلح إلا بانزال الكتب والشرائع السماوية لتكون منهج للحياة ذكر الله جل وعلا اسمه تعالى الْحَي، وذكر جل فى علاه اسمه سبحانه الْقَيُّوم قبل انزال الكتب لأن ذلك من مقتضيات هذا الاسم العظيم، فالْقَيُّومُ سبحانه وتعالى هو القائم على كل نفس بما يصلحها، فكان مقتدى ذلك الاسم العظيم أن {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} فلا تصلح أحوال العباد إلا بم شرعه رب العباد لذلك قال سبحانه {هُدًى لِّلنَّاسِ}.
وأيضا من أسرار ذكر اسمى الْحَي الْقَيُّوم قبل {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ (3) مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ} أن من عمل بمقتضى اسم الْقَيُّوم وقام بما أنزل الله له على الوجه المأمور به، أحيا الله له قلبه فيكون نال حظه من اسم الْحَي.
والله أعلم بالصواب، وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات