تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وليس المراد بلاشك الترتيب الزمني .. وإلا فإن إيمانه بالله أسبق من فعله الخير.

[فإنَّ " الْمَعْطُوفَ بِثُمَّ أَعْرَقُ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَتَضَمَّنُهُ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهَا "

تفسير ابن عاشور: سورة البقرة آية 29]

وأيضًا في قوله تعالى:

لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ.

يقول ابن عاشور:

"وَمَوْقِعُ ثُمَّ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ مَوْقِعُ التَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ، أَيْ: وَأَعْظَمُ مِمَّا نَالَكُمْ مِنَ الشَّرِّ أَنْ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ."

أ. هـ.

......

فالترتيب الرتبي يجيء على وفق الكلام الفصيح سواء وافق الترتيب الوجودي أو خالفه ..

انظر قول الله تعالى "هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ" [الْقَلَم: 11 - 13]

فقوله سبحانه (بَعْدَ ذلِكَ) مثل (ثم)

رغم أنَّ كونه عتلا وزنيمًا أسبق في الوجود من كونه همازًا مشاءً بنميم لأنهما صفتان ذاتيتان بخلاف هماز مشاء بنميم، فإنهما مكتسبتان.

ويكون المعنى أنه هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم ... وفوق هذا كله وأسوء منه أنه عتل زنيم.

وفي أية سورة النساء

يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً

فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153

ليست (ثم) للترتيب الزمني إنما للتراخي الرتبي ...

ويكون المعنى أنهم سألوا موسى أن ينزل عليهم كتابًا من السماء، ورؤية الله جهرًا وهذا كله ظلم من السائل ..

لكن الأكبر ظلمًا من ذلك والأعظم جرمًا منه كان إشراكهم بالله تعالى بالعجل الذي اتخذوه.

قال ابن عاشور رحمه الله:

وَعُطِفَتْ جُمْلَةُ اتِّخَاذِهِمُ الْعَجَلَ بِحَرْفِ (ثُمَّ) الْمُفِيدِ فِي عَطْفِهِ الْجُمَلَ مَعْنَى التَّرَاخِي الرُّتَبِيِّ. فَإِنَّ اتِّخَاذَهُمُ الْعِجْلَ إِلَهًا أَعْظَمُ جُرْمًا مِمَّا حُكِيَ قَبْلَهُ.

أ. هـ.

والله تعالى أعلم.

**

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير