و لقد قام هذا الرجل بالعناية بكتاب العلامة المعصومي (هديَّة السلطان إلى مسلمي بلاد اليابان) و هو يتحدَّث عن مسألة اتباع المذاهب الأربعة، و قد قدَّم له (سليم) بمقدِّمَةٍ بيَّن فيها أن المرجعية عند التنازع هي الكتاب و السنة، و قارن بين قوله هناك _ ص (19 _ 44) و فعله هنا.
و قد ذكر أن الباعث له على الاعتناء بالكتاب؟! هو طلبُ صاحب مكتبة الرشد (أبو فهد بن أحمد الحمدان) منه تحقيق الكتاب و العنايةَ به.
و العمل بهذه الطريقة لا يكون _ غالباً _ نشراً للعلم بصورة حسنة بهيَّة.
الثانية: منهجه و عمله في الكتاب، و هي أربع نقاط:
1) (ضبط المتن ضبطاً؛ يحول دون وقع اللبس في مواطن الاحتمال، و بعيد الإضافات، و شكل المُشْكل الذي لا يفهم إلا بذلك).
قلت: و إذا نظرنا _ بالمقارنة _ بين هذا المنهج المُنَظَّرِ هنا و بين واقع الكتاب لوجدنا أن الأمر إنما هو نفخ لصورة العمل ليس غير.
فهو لم يضبط المتن بالشكل _ كما زعم _ ضبطاً؛ يحول ….
2) (توثيق النص، و لا سيما أن كثيراً من النسخ المطبوعة كثيرة التصحيف و التحريف بل يوجد في بعضها نقص، و قد اعتمدت على متن الكتاب الموجود في ((الروض المربع)) حيث حصلت على نسخة خطيَّة بخط المصنف _ رحمه الله _ …)
قلت: و أين التوثيق المزعوم لنص المتن، و كفى بياناً لإبطال هذا الزعم و إسقاطه: اعتماده على متن الزاد الموجود في الروض.
و هذا المسلك لي عليه مآخذ:
أ- أن اعتماده على المتن الموجود في الشرح غلط في منهجية التحقيق و ذلك لأمرين:
الأول: أن طرق الشراح للمتون غالباً ما تكون على إحدى طريقتين:
الأولى: مَزْجُ الشرح بالمتن، و يُفَرِّقُوْنَ بين المتن و الشرح باللون الأحمر للمتن.
الثانية: عكس الأولى.
و الإمام البهوتي _ رحمه الله _ سلك الطريقة الأولى.
ثم أيضاً إن ذكر الشراح للمتن مختلفة على منهجين:
الأول: من يشترط ذكر المتن كاملاً، و يشرح ألفاظه كلها.
الثاني: من يشرح من المتن ما يراه مُسْتَحِقَّاً للشرح و التوضيح.
و بهذا لا نستطيع الجزم بأن الإمام البهوتي _ رحمه الله _ اشترط شرح جميع ألفاظ الزاد.
و الأمر الثاني: كيف يكون من منهجية التحقيق الاعتماد على الشرح مع وجود الأصل.
فإن متن الزاد متوافرة و كثيرة، فلو كان (سليم) صادقاً في زعمه تحقيقَ الزاد تحقيقاً علمياً لبحث عن أصل خطي للزاد؛ و هو صاحب التحقيقات الكثيرة، و عُمُرُهُ في التحقيق فيه طُوْلٌ.
ثم إن اعتماده على مخطوطة (الروض) أوقعه في أغلاط كثيرة في (التحقيق) منها ما يلي:
1_ السقط الكثير و الطويل في المتن.
2_ الإقحام في المتن ما ليس منه.
و هذا يدلُّ على عدم معرفة (سليم) بالكتاب _ الزاد _.
ب- انتقاد (سليم) الطبعات السابقة _ و هي أصح من تحقيقه؟! _ بأنه يوجد فيها سَقْطٌ، و تصحيفٌ، و تحريفٌ هو ما حصل له في تحقيقه؟! _ و سيأتي الكلام عنه _.
و لم يُسَمِّ لنا الطبعات حتى يَبِيْنَ لنا كبير جُهْدِهِ.
ج- أكثرَ من قوله (في نسخة) و هذه النسخة لم يُسَمِّها لنا.
3) (شرح بعض الألفاظ الغريبة و الجمل المبهمة و التي لا يتم مراد المصنف إلا بها …).
قلت: الألفاظ الفقهية الغريبة إنما تؤخذ من كتب الغريب، و في الفقه الحنبلي كتب في غريب ألفاظ المذهب؛ لا يجهلها (المحقق).
4) (خرجت الأحاديث المرفوعة التي وقَعَت في كلام المصنف، و إن لم يصرح بذلك).
قلت: حين النظر في تخريج (سليم) أحاديث الزاد نجد أنه لم ينهج منهج العلماء في التخريج، و منهجهم هو العزو إلى كتب السنة المعتبرة كـ (الصحيحين، و السنن، و المسانيد، و المصنفات، و المعاجم، …).
و أما منهج (سليم) في التخريج فهو العزو إلى كتبه!؟.
و هل العزو إلى كتب الشخص يُسمَّى تخريجاً؟
الثالثة: في (التحقيق؟!) سقط كثير؛ و إليك البيان:
أ- سقط من قوله _ في [باب شروط الصلاة]: (و من رأى عليه نجاسة بعد صلاته و جهل كونها فيه لم يعد) إلى نهاية الفصل من قوله: (فصل: و يكره في الصلاة …) و هو بمقدار (3 _ 4) صفحات.
و يكون بهذا (التحقيق؟!) قد سقط:
1. نهاية باب شروط الصلاة.
2. باب صفة الصلاة.
3. فصل [فيه ما يكره في الصلاة].
¥