تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما إثبات حروف القرآن فإن القرآن هو هذا الكتاب العربي المنزل على محمد الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات من قرأه فأعربه فله بكل حرف منه عشر حسنات فمن أقر بهذا وعلمه فقد أقر بالحروف فلا وجه بعد ذلك لإنكاره ولا لمجمجته

ومن أنكر هذا ففي القرآن أكثر من مائة آية ترد عليه فإجماع المسلمين يكذبه وسنة رسول الله وقول أصحابه رضي الله عنهم ومن بعدهم بكفره

فكم في القرآن من آية يقول فيها إن هذا القرآن وهذا إشارة إلى حاضر وكم فيه ولقد صرفنا هذا في القرآن ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن

وكم فيه من آية وصفه فيها بأنه عربي وكم من آية تحداهم فيها بالإتيان بمثل هذا القرآن أو بسورة مثله وكم فيه من نسبة الآياتإليه والسور والكلمات وقد أوعد الله تعالى من قال هذا قول البشر بإصلائه سقر ورد على من قال هو شعر بقوله وما علمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين ومن المعلوم أن الشعر إنما هو كلام موزون فلا يجوز نسبته إلا إلى الكلام المنظوم ذي الحروف والكلمات

وقد نفى الله تعالى عنه كونه شعرا وأثبته قرآنا

ومثل هذا كثير فلأي معنى يجحد الحروف بعد هذا مع أن لفظ الحروف قد نطق به النبي في أخباره وجاء عن أصحابه كثيرا وعن من بعدهم وأجمع الناس على عد حروف القرآن وآيه وكلماته وأجمعوا على أن من جحد حرفا متفقا عليه من القرآن فهو كافر

فما الجحد له بعد ذلك إلا العناد

فصل فأما قوله فالله الله في هذا الإقدام وعليكم بما كان عليه السلف الصالح وترك الخوض في الله بما لم يرد به شرع ولا يطابقه عقل قلنا قد فعلنا ذلك بحمد الله ومنته من غير وصيته وأخذنا بما كان عليه سلفنا من غير نصيحته وفارقنا من فارقهم ورددنا على من خالفهم ومن جملة ذلك رددنا لقوله وتبينا فضيحته وأما هو فإنه بهذا القول آمر بالبر وناس نفسه وناه عن منكر ومخالف إلى ما نهى عنه والله تعالى يمقت على ذلك قال الله تبارك وتعالى كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وعير الله تعالى اليهود بقوله سبحانه وتعالى أتامرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وروينا في خبر عن النبي أنه قال يؤتى برجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيشرف عليه بعض من كان يعرفه في الدنيا فيقول أي فلان ما هذا وإنما معك كنا نعلم منك فيقول إني كنت آمركم بالأمر ولا آتيه وأنهاكم عن الأمر وآتيه أو كما لفظ الخبر وقد أخبر الله تعالى عن شعيب عليه الصلاة والسلام قوله وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه

وقالت الشعراء في ذلك أقوالا منها قول أبي الأسود

يا أيها الرجل المعلم غيره ** هلا لنفسك كان ذا التعليم

أتراك تلقح بالرشاد عقولنا **صفة وأنت من الرشاد عديم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله ** عار عليك إذا فعلت عظيم

إبدأ بنفسك فأنهها عن غيها ** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك ينفع إن وعظت ويقتدى ** بالقول منك وينفع التعليم وقال أبو العتاهية

يا واعظ الناس قد أصبحت متهما** إذ عبت منهم أمورا أنت تأتيها كملبس الثوب من عري وعورته ... للناس بادية ما إن يواريها وأعظم الذنب بعد الشرك تعلمه ** في كل نفس عماها عن مساويها عرفانها بذنوب الناس تبصرها ... منهم ولا تعرف العيب الذي فيها

وقال أيضا

وصفت التقى حتى كأنك ذو تقي ** وريح الخطايا من ثيابك يسطع

فهذه التي سماها نصيحة إنما هي أمر بالخوض في الله عز وجل بغير علم والرد لسنن الرسول والنهي عن القناعة بقول السلف

وهي وإن كان قد تاب منها ورجع عنها فلا ينفك من لحوقه إثمها ويتعلق به إثم من ضل بها واغتر بتصنيفه إياها فإن من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامه

وأرجو أن تكون هذه الرسالة أعظم الأشياء بركة عليه ونفعا له من حيث أنها تمنع الناس من الضلال بكلامه فينقطع عنه الإثم الذي كان يعرض الوصول إليه بضلالهم به

وأسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنه فإنه قد تاب من هذه المقالة وله في السنة الكلام الكثير والتصانيف الجيدة ولو كان محى هذه البدعة من كتابه لكان قد استراح من إثمها وأراح من الغيبة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير