تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 ـ إن وصول أسفار اليهود إليهم غير متصل السند البتة، وهم يعرفون ذلك بيقين، ويعلمون أنهم فقدوا التوراة في السبي البابلي، وان الكاتب عزرا قد أملاها، لأنه ـ كما قيل ـ كان يحفظ التوراة.

ولا يخفاك ما قاله أصحاب كتاب (المدخل إلى الكتاب المقدس) بشأن سفر التكوين.

3 ـ إن هذه الأسفار إنما هي ـ في أغلبها ـ أخبار كُتِبت لأحداث شاهدها أشخاص، أو وردت إليهم شفاهًا عمن حدثت له، وبهذا فهي لا تمثِّل كلام الله الموحى به، سوى بعض ما في الأسفار الخمسة، وبعض الأسفار التي فيها بقايا وحي، ومع ذلك لا يمكن الجزم به جزمًا يقينيًّا.

والدليل على أنه بقي عندهم شيء من الوحي، خبر اليهودي واليهودية الذين زنيا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يتلوا ما في التوراة من حكم الزنى،والقصة معروفة.

4 ـ إن هذه الأسفار لا يصلح أن تكون المصدر الوحيد لأخذ الاسم أو الحدث، كما حصل في أخذ مصطلح السامية منها.

وإذا كان ولابدَّ من أخذ التسمية منه، فلم لم يكن (النوحية)؟

ما لغة نوح الأب؟

هل تغيرت لغة أبنائه عنه حتى تسمى لغة بعضهم سامية، وبعضهم غير سامية؟

وأحب أن تلحظ أن لغة نوح هي لغة من سبقه من أبائه، وهي لغة (عروبية) فيها أسماء عربية نعرف اشتقاقها وأصلها في لغتنا المعيارية التي نزل القرآن بها، فقد قال تعالى عن قوم نوح ((وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا)) (نوح: 23)، وهذه أسماء عربية، فماذا ياترى تكون لغة نوح وقومه؟ أليست تلك اللغة العروبية الاشتقاقية التي بقيت في جزيرة العرب صافية أكثر منها في بلاد العرب الأخرى؛ في عراقهم وشامهم ومصرهم ومغربهم العربي منذ القِدم؟

وتلك قضية تحتاج إلى مقال مستقلٍ لعل الله ييسر بكتابته بتفصيل يدل على الحقيقة فيه، والله الموفق.

إن مما يحسن أن يعلمه القارئ أن أسفار بني إسرائيل تكره كل شيء عربيٍّ كائنًا ما كان هذا العربي، وسأذكر لك بعض الدلائل من كتبهم:

1 ـ الكنعانيون جعلوهم من نسل حامٍ المغضوب عليه مع أنهم ساميون ـ في مصطلحهم ـ فهم من سكان منطقة الساميين وليسوا من مناطق الحاميين، وإنما أخرجوهم كرهًا لهم لأنهم عرب يشهد بذلك التاريخ، وهم الجبارون الذين كانوا في زمن موسى فكرهوا محاربتهم، وجبنوا عن لقائهم.

2 ـ عندهم أن إخوة يوسف باعوا أخاهم يوسف للإسماعيليين، ولا يخفاك أن إسماعيل سكن جزيرة العرب، وهو عمُّ هؤلاء الذين يبيعون يوسف عليه السلام، أفيُعقل أن يخفى عليهم أبناء عمهم ولا يعرفونهم؟!

3 ـ أنهم حرفوا العهد الذي جعله الله لأبناء إبراهيم، وجعلوه لهم، وأنكروا كل فضيلة لإسماعيل، حتى لقد زعموا أن إسحاق هو الذبيح الذي له العهد، مع أن فيما كتبوه ما يدل على كذبهم.

ولقد سرت هذه العداوة عند بعض الغربيين من الباحثين المستشرقين المتأثرين بالدراسات التوراتية، فعلى سبيل المثال: جعلوا اللغات الآرية مقابل اللغات السامية، وجعلوا ممن ينطق بالآرية (الهند وأروبة) التي قد يُطلق عليها (الهندوروبية)، وزعموا أن بينها أواصر لغوية مشتركة، فانظر كيف ابتدعوا بأنفسهم إلى من يفصل بينهم وبينه مسافات، وتركوا العرب الذين تربطهم بهم أواصر لغوية وتاريخية،

وإذا كان الغرب يرجع إلى السامية، ولا يريدها، فلم لم يخترعوا اسمًا لهم من أولاد نوح كما اخترعوا السامية، لم لمَ يقولوا لهذه اللغة الآرية (يافثية) نسبة إلى يافث بن نوح الذي يجعلون من نسله اليونايين والناضوليين؟! (2)

وما ذاك إلا حاجة في نفوسهم، وإلا فأين بُعث موسى وعيسى، ألم يُبعثا في الشرق، فلم البعد عن الشرق والارتباط بشرق الشرق؟!

أإلى هذا الحدِّ وصل الحقد والحسد؟!

هذا، ولقد اجتهد اليهود في إثبات صحة كتبهم من خلال البحث في الأثريات، لكن لم يجدوا شيئًا، فصاروا يتشبثون بهذه المزاعم التي يصدرونها بين الفينة والفينة كالسامية التي صاروا يوالون ويعادون عليها، وكأنها أصل الشعوب.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير