تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إن نظرت عابرة لتاريخ الأنبياء تدلنا على أن العرب عريقون في أعماق التاريخ، فنوح عربي بدلالة ما ذكرت لك من أسماءٍ عربية لأصنام قومه التي كانوا يعبدونها، وهود عليه السلام وقومه عاد عربٌ، وصالح عليه السلام وقومه ثمود عرب، وشعيب عليه السلام وقومه أصحاب مدين عرب.

فنوح ـ عليه السلام ـ قبل السامية المزعومة التي صنعوها وتحاكموا إليها، ومن جاء بعده من الأنبياء المذكورين ـ عليهم السلام ـ كانوا قبل إبراهيم عليه السلام، وقبل بروز العبرية المزعومة التي يتكلم بها بنو إسرائيل.

فكيف تُغفل تلك الأمة العظيمة التي كانت لها هجرات خمس كبرى إلى أرض الهلال الخصيب وأرض الشام منذ القِدم، ويُتناسى تاريخها، وتُتناسى لغتها، ليؤخذ بمصطلح مخترعٍ ليس عليه دليل علمي؟!

إننا أما تراث تاريخي ولغوي قد لُعِب به، ودُرس بغير لغته التي تمتلك ثمانية وعشرين حرفًا بخلاف اللغات التي دُرست بها آثار هذه المنطقة، فنقصها ست حروف، فلو سلمت القراءات من الخطأ من جهة، فإنها لن تسلم بفقدانها هذه الأحرف التي تفكُّ كثيرًا من غموض مدونات الآثار.

واعتمادًا على السامية المزعومة، فإن الضاد ستنطق دالاً، والعين ستنطق ألفًا، والخاء ستنطق كافًا، والطاء ستنطق تاءً ... الخ من ألفاظ الحروف التي لا تعرفها كثير من لغات الغرب، فانظر مدى الخطأ الذي سيقرؤه الذي يريد البحث في تاريخ المنطقة القديم ولغاتها القديمة؟.

وبعد فإن الموضوع له ذيول تحتاج إلى فكٍّ وتحليل، ولكن الوقت لا يُسعف بأكثر من هذا الآن، ولعل الله ييسر لي أن أبسط الموضوع؛ فإن له علاقة بالمعرَّب من جهة، فأسأل الله التوفيق والسداد، والبركة في العمر لخدمة كتابه الكريم.

ــــــــــــــــ

(1) من القضايا المهمة في هذا الباب أن تعرف أن أبناء يعقوب الذين من نسلهم بنو إسرائيل كانوا أبناء عمِّ لأبناء إسماعيل عليهم السلام، فالجد واحد، وهو إبراهيم عليه السلام، فوشائج القربى بين العرب وبينهم جاءت من هذا الباب فقط، ولا يعني هذا أننا نقبل كل ما هو إسرائيلي، لكن قد يغفل بعض الكاتبين حينما يكتبون عن أولاد يعقوب أو عن بني إسرائيل، وكأنهم يكتبون عن قوم لا علاقة لهم بالعرب من قريب ولا من بعيد.

والذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن إبراهيم وبنيه كانوا يتكلمون عربية ذلك الزمان، فأم إسماعيل اسمها هاجر، وهذا لفظ عربي صريح، وهي من مصر، وإبراهيم من العراق، وقد نزل بها إلى مكة، وقابلت قبيلة جرهم، وتخاطبت معها، ولم تحتج إلى ترجمان، وقد اشتقت اسم ولدها إسماعيل من (يسمع إئيل) كما ورد في كتبهم، ونزل إبراهيم لابنه إسماعيل، وخاطب زوجتيه ولم يحتج إلى ترجمان.

وإذا نظرت إلى اسم ابن أخي إسماعيل وجدته (يعقوب)؛ أي الذي يعقب ويخلف غيره، وهو قد عقب أباه، كما قال تعالى (ومن وراء إسحاق يعقوب) فتأصيل هذا الاسم في العربية قريب المأخذ لمن تأمله، وهذا كله يدلك على وجود تلك اللغة الاشتقاقية العربية العريقة التي كانت سائدة في هذه المنطقة منذ القدم، وإن اختلفت وتحورت وتطورت إلا أنها لا تخرج عن لغة الاشتقاق. ولعله يأتي المقام لإكمال حلقات المعرَّب لآتي على هذه الأسماء وأبين علاقتها بالعربية المعيارية التي نزل بها القرآن الكريم.

(2) أشار إلى هذه الفكرة بيرو روسي في كتابه / مدينة إيزيس التاريخ الحقيقي للعرب، ترجمة فريد جحا (ص: 19).

(ملاحظة: هذه الترجمة لهذا الكتاب سيئة جدًّا، ولا أدري هل تُرجم ترجمة أخرى، ففي الكتاب نقد لنظريات غربية في تعاطيها مع الشرق العربي).


الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض
[email protected]
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3741

ـ[نياف]ــــــــ[23 - 11 - 05, 11:50 م]ـ
نظرة في تفسير الطبري طبعة دار هجر / تحقيق الشيخ عبد الله التركي

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير