تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الذهبي في ((السير)) (3/ 132): ((حسبك بمن يؤمره عمر، ثم عثمان على إقليم – وهو ثغر – فيضبطه ويقوم به اتم قيام، ويرضى الناس بسخائه وحلمه، وإن كانبعضهم تألم مرة منه وكذلك فليكن الملك، وإن كان غيره من اصحاب رسول الله ? خيراً منه بكثير، وأفضل، وأصلح، فهذا الرجل ساد، وساس العالم بكمال عقله، وفرط حلمه، وسعة نفسه، وقوة دهائه ورأيه، وله هنات وأمور، والله الموعد. وكان محبباً إلى رعيته، عمل نيابة الشام عشرين سنة، والخلافة عشرين سنة، ولم يهجه احد في دولته، بل دانت له الأمم، وحكم على العرب والعجم، وكان ملكه على الحرمين، ومصر، والشام، والعراق، وخراسان، وفارس، والجزيرة، واليمن، والمغرب، وغير ذلك)).

? قلت: ووصفه ابن عباس بالفقه – أيضاً -: فقد أخرج البخاري – رحمه الله – من حديث ابن ابي مليكة: أن ابن عباس قيل له: هل لك في أمير المؤمنين معاوية، فإنه ما أوتر إلا بواحدة، فقال: ((إنه فقيه)).

وأما ما أكثر السقاف به نقلاً عن إسحاق بن راهوية: ((لا يصح عن النبي ? في فضل معاوية شىء)). ? فلا يثبت عنه. فقد أخرجه الحاكم – كما في ((سير)) الذهبي (3/ 132) و ((الفوائد المجموعة)) للشوكاني (ص: 407) -: عن الأصم – أبي العباس محمد بن يعقوب الاصم، حدثنا أبي، سمعت ابن راهويه فذكره. ((وفي الفوائد)): سقطت: (حدثنا أبي): وهي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهويه. ? قلت: يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابورى – والد الأصم – مجهول الحال، فقد ترجمه الخطيب في ((تاريخه)) (14/ 286) فما زاد على قوله: ((قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهويه، روى عنه محمد بم مخلد)). ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وله ذكر في ترجمة ابنه من ((السير)) (15/ 453)، ولم يذكر فيه الذهبي ايضاً جرحاً، ولا تعديلاً، وذكر في الرواة عنه: عبد الرحمن بن ابي حاتم، ولم أجده في ((الجرح والتعديل))، ولا في ((ثقات)) ابن حبان.


اتهام السقاف لمعاوية بن أبي سفيان بشرب الخمر وحاشاه أن يفعل ذلك – ? -
وقد أتهم السقاف معاوية بن ابي سفيان – رضي الله عنهما – بشرب الخمر واستدل بما رواه الإمام احمد (5/ 347) بسند رجاله رجال مسلم – كما قال لسقاف – عن عبدالله بن بريدة، قال: ((دخلت أنا وأبي على معاوية، فأجلسنا على الفرش، ثم أتينا بالطعام فأكلنا، ثم أتينا بالشراب، فشرب معاوية، ثم ناول أبي، ثم قال: ما شربته منذ حرمه رسول الله ? …)). ولم يذكر السقاف سند الحديث، ولا تتمة متنه.

? فاما سنده: فقال أحمد: حدثنا زيد بن الحباب، حدثني حسين، حدثنا عبدالله بن بريدة ……. ? وأما تتمة المتن: ((ثم قال معاوية: وكنت أجمل شباب قريش وأجوده ثغراً،وما شىء كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن، أو إنسان حسن الحديث يحدثني)).

وقد حاول السقاف بهذا الخبر التلبيس على القارئ بأن معاوية كان ممن يشرب الخمر بعد إسلامه، وبعد ثبوت تحريم شرب الخمر. وهذا مندفع بامور:
أولها: أن لفظ الشراب لا يقتضي أن يكون المشروب خمراً.
ثانيها: مناولته لبريدة بن الحصيب الشراب، فلو كان خمراً لما أخذه بريدة، ولأنكر عليه ذلك.
ثالثهما: أن قوله: ((ما شربته منذ حرمه رسول الله ….)) هو من قول معاوية وليس من قول بريدة، يدل على ذلك ما حذفه السقاف من متن الخبر والذي أشرنا إليه سابقاً، فدل على ان الشراب لم يكن خمراً، بل لعله كان لبناً.
? وكذلك فإسناد الخبر فيه لين. فزيد بن الحباب في حفظه ضعف، ومثله حسين بن واقد، ولذلك لم يجرؤ السقاف على تصحيحه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير