مَلَائِكَةِ اللَّهِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ أَهْلَهَا أَلَا تَرَى إلَى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ} أَيْ: مِنْ تَعْذِيبِ أَهْلِ النَّارِ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ , وَكَذَلِكَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ هُمَا فِيهَا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مُعَذِّبَانِ لِأَهْلِ النَّارِ بِذُنُوبِهِمْ لَا مُعَذَّبَانِ فِيهَا إذْ لَا ذُنُوبَ لَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عليه السلام فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَفِيهِ زِيَادَةُ أَنَّهُمَا عَقِيرَانِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ , وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ابْنُ النَّطَّاحِ وَيُضَافُ وَلَاؤُهُ إلَى جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيِّ حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ الْقُشَيْرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ الرَّقَاشِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ عليه السلام {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ثَوْرَانِ عَقِيرَانِ فِي النَّارِ}. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعْنَى الْعُقْرِ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ لَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللُّغَةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعُقْرَ لَهُمَا عُقُوبَةً لَهُمَا إذْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا إذْ كَانَا فِي الدُّنْيَا مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُمَا بِهِ فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} وَذَكَرَ مَعَهُمَا مَنْ ذَكَرَ مَعَهُمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ حَتَّى أَتَى عَلَى قوله تعالى {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} فَأَخْبَرَ أَنَّ عَذَابَهُ إنَّمَا يَحِقُّ عَلَى غَيْرِ مَنْ يَسْجُدُ لَهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَكِنَّهُمَا كَانَا فِي الدُّنْيَا يَسْبَحَانِ فِي الْفَلَكِ الَّذِي كَانَا يَسْبَحَانِ فِيهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ} الْآيَةَ , ثُمَّ أَعَادَهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُوَكَّلَيْنِ بِالنَّارِ كَغَيْرِهِمَا مِنْ مَلَائِكَتِهِ الْمُوَكَّلِينَ بِهَا فَقَطَعَهُمَا بِذَلِكَ عَمَّا كَانَا فِيهِ مِنْ الدُّنْيَا مِنْ السِّبَاحَةِ فَعَادَا بِانْقِطَاعِهِمَا عَنْ ذَلِكَ كَالزَّمِنَيْنِ بِالْعُقْرِ فَقِيلَ لَهُمَا عَقِيرَانِ عَلَى اسْتِعَارَةِ هَذَا الِاسْمِ لَهُمَا لَا عَلَى حَقِيقَةِ حُلُولِ عَقْرٍ بِهِمَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[21 - 02 - 04, 08:43 ص]ـ
قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث ...
قالوا رويتم عن عبد العزيز بن المختار الأنصاري عن عبد الله الداناج قال شهدت أبا سلمة بن عبد الرحمن في مسجد البصرة وجاء الحسن فجلس إليه فحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الشمس والقمر ثوران مكوران في النار يوم القيامة فقال الحسن وما ذنبهما قال إني أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت قالوا قد صدق الحسن ما ذنبهما وهذا من قول الحسن رد عليه أو على أبي هريرة
قال أبو محمد ونحن نقول إن الشمس والقمر لم يعذبا بالنار حين أدخلاها فيقال ما ذنبهما ولكنهما خلقا منها ثم ردا إليها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشمس حين غربت في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله تعالى لأهلكت ما على الأرض وقال ما ترتفع في السماء قصمة إلا فتح لها باب من أبواب النار فإذا قامت الظهيرة فتحت الأبواب كلها وهذا يدلك على أن شدة حرها من فوح جهنم ولذلك قال أبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فوح جهنم فما كان من النار ثم رد إلى النار لم يقل إنه يعذب وما كان من المسخر المقصور على فعل واحد كالنار والفلك المسخر الدوار والبحر المسجور وأشباه ذلك لا يقع به تعذيب ولا يكون له ثواب وما مثل هذا إلا مثل رجل سمع بقول الله تعالى فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة فقال ما ذنب الحجارة
ـ[أبو أحمد اليماني]ــــــــ[21 - 02 - 04, 09:40 ص]ـ
أخي خالد الشايع، جزاك الله خيراً، فائدة قيمة.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[21 - 02 - 04, 02:35 م]ـ
الشمس ليست إلا كتلة من الغازات الملتهبة والنيران، وكذلك القمر كان في الأصل جزءا من الشمس ثم انفصل وبرد وصار حجارة. فأي شيء في رجوعه إلى النار؟ أوليست تلك حالته الأولى؟
رحم الله ابن قتيبة فقد أجاد.
ـ[دكتور رمضان حبيب]ــــــــ[02 - 11 - 10, 10:35 ص]ـ
هل يوجد إعجاز علمي يوضح هذه المسألة؟
من يتحفنا ببيان وجه الإعجاز إن وجد؟ وجزى الله الجميع خيرا
¥