فأعظم ذلك وأخطره؛ ما يتعلق بتوحيد الألوهية والعبادة؛ حيث سوغ الحبشي لهم دعاء الأموات والاستغاثة بهم، وزعم أن الموتى يستجيبون لمن دعاهم واستغاث بهم، بل قد يخرجون من قبورهم لنجدته، وهذا هو عين الشرك الذي بعث النبيون كافة لإبطاله، والإنذار منه. وهو أعظم الذنوب على الإطلاق؛ إذ هو الذنب الذي أخبر تعالى أنه لا يغفره لمن لقيه به، فقال تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما}، {ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا}.
ومما يتبع ذلك أيضا ما يتعلق بأوثق عرى الإيمان من الولاء والبراء والموالاة والمعاداة؛ فإن هذه الطائفة معروفة بعلاقاتها الحميمة مع طواغيت الكفر في كل مكان؛ يصرحون بمودتهم وأخوتهم ونصرتهم لهم، وهذا أوضح من أن ندلل عليه، فالمتتبع لتصريحات شيخهم الحبشي وغيره من رؤوسهم يعرف ذلك يقينا.
حتى إن الطواغيت يحبون دين الأحباش ويفسحون المجال لدعوتهم ونشاطاتهم وكتاباتهم التى تدفع عن كفريات أنظمتهم وتحارب وتكفر أعداءهم من الدعاة الصادقين والمجاهدين المخلصين.
فعندنا في الأردن يدفعون عن هذه الدعوة الخبيثة، فيشددون على طباعة الكتب التي تكشف زورهم- كما عاتبوا وحاسبوا الدار التي طبعت كتاب أخينا أبي صهيب المالكي فيهم - ومنعوهم من إعادة طبعه، وكذلك يمنعون من إلقاء المحاضرات التي تفضحهم وتكشف عوارهم وانحرافاتهم، حتى إن المخابرات تدخلت عندنا بالتهديد والوعيد لأجل منع محاضرة حول الأحباش في جمعية مرخصة قانونيا.
ولا غرابة في ذلك فبعضهم أولياء بعض!
وفي مقابل ولاء الأحباش هذا لأعداء الله؛ تجدهم من أعدى الأعداء لكل موحد رباني يكفر بالطواغيت والمشركين بكافة ألوانهم وتوجهاتهم أو يسعى لجهادهم، فتراهم يكفرونه ويسلقونه بألسنتهم الحداد ويطيلونها فيه وفي عرضه شتما وسبا وتكفيرا وتفسيقا - ابتداء من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب ونحوهم، وانتهاء بسيد قطب وأمثاله من دعاة العصر المخلصين رحمهم الله أجمعين -
والعجيب أنهم يكفرون أئمة الإسلام ودعاته المخلصين ببعض فروع الدين أو العقيدة التي يعذر الجاهل فيها، في الوقت الذي يجادلون فيه عن الطواغيت ويعدونهم من أولى أوليائهم، مع أنهم قد نقضوا توحيد الألوهية وأصل دعوة الأنبياء والمرسلين وأظهروا الشرك الصراح والكفر البواح المغلظ، الذي أضافوا إليه الحرابة والطعن في الدين!
ومن اللطائف التي تذكر في هذا المقام أنه كانت قد جرت مناظرة بين بعض إخواننا وبعض دعاتهم حول تكفيرهم لسيد قطب رحمه الله في بعض فروع الإعتقاد؛ فسألهم ذلك الأخ مختصرا للنقاش: (أنتم تكفرون سيدا لهذا السبب! فماذا تقولون بعبد الناصر - حاكم مصر الهالك -؟)، فأجابوا على الفور: (مسلم طبعا لا يجوز تكفيره!)، فاكتفى الأخ منهم في ذلك المقام تصريحهم بذلك؛ فضحا لمعتقدهم الضال ورأيهم الفاسد؛ إذ حقدهم على الدعاة المخلصين والمجاهدين لطواغيت الكفر؛ جعلهم يقدمون عليهم في الموالاة طواغيت الكفر المحاربين للدين، فجادلوا عمن نقض توحيد الألوهية وعدّوه من المسلمين، وكفروا علماء المسلمين ودعاتهم ومجاهديهم المخلصين وتبرؤوا منهم لخطأهم في بعض فروع الدين!
فهم قد وافقوا الخوارج في هذا الباب؛ إذ يحاربون أهل الإسلام ويتركون أهل الشرك والأوثان!
بل هم شر من الخوارج من وجوه عديده:
إذ أنهم لم يكتفوا في كثير من البلدان بمعاداة الدعاة والمجاهدين؛ بل قد صاروا إلبا عليهم يحرّشون حكومات الكفر بهم ويؤزون الطواغيت عليهم أزا؛ بل ويظاهرونهم على عداوتهم وفي حرب دعواتهم – وهو الشيء الذي لم يكن ليفعله الخوارج المارقين - حتى إن كثيرا من دعاتهم وأتباعهم لا يجدون بأسا أو مانعا من التعاون مع مخابرات حكومات الردة في التجسس على المسلمين ونقل أخبارهم إليهم.
وأعرف منهم شابا جندته المخابرات الأردنية لمتابعتي منذ كنت في السجن؛ فكان يزورني ويعرض علي خدماته من اتصالات ونحوها ليقوم بإيصالها من بعد إلى أعداء الله، وكان يأتيني بكتب الحبشي وأنا في السجن، وقد سمحوا بإدخالها في الوقت الذي كانت كتب علمائنا من أهل السنة لا تدخل إلا بشق الأنفس، وقد تصادر!
¥