تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

6 - ومضت تلك القرون الفاضلة والأمر على ما هو عليه من ترك الأمة كلها من شرقها إلى غربها الاحتفال بذكرى المولد أو غيره من الأيام، التي كما ذكرت لا تقل عنه أهمية، فهي جزء من حياة خير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام.

7 - هذا وقد كثرت مجالسهم في فنون العلم، في التفسير والحديث والفقه واللغة والأدب والشعر، وسائر العلوم والفنون، ولم يخصوا مجلساً واحداً ولا محفلاً واحداً من تلك المحافل على تنوعها، باحتفال بذكرى أي يوم من تلك الحياة الشريفة الحافلة.

8 - حتى إذا حدث النقص في الأمة في القرون التالية للقرون الفاضلة وتقلد زمام الأمر فيها فرقة باطنية ضالة، أبطنت الكفر والزندقة وأظهرت الإسلام والتشيع، وصارت لها دولة، هي الدولة العُبيدية، وهي المسماة بالدولة الفاطمية، فأحدثت الاحتفال بذكرى المولد النبوي، وكان ذلك في سنة 361هـ.

فتأمل – رحمك الله – كيف يمكن أن يهمل خير هذه الأمة وأبرها قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً، قربة من أعظم القرب، ويغفلون عنها، وفيهم ومن بينهم من لو وزن بالأمة كلها لرجح بهم، ويتتابعون على هذا الإهمال وذلك الإغفال كابراً بعد كابر، وجيلاً بعد جيل، ثم يهتدي إليه ويسبقهم إليه أصحاب تلك النحلة الخبيثة الباطنية!!!

9 - وإن تعجب، فعجب قولهم " إن لنا على ذلك الاحتفال أدلة ".

أوصلها بعضهم إلى أكثر من عشرين دليلاً، بعضها من القرآن وبعضها من السنة وبعضها أدلة عقلية!!

وليت شعري، كيف فات النبي صلى الله عليه وسلم استنباطها من القرآن وهو ينزل عليه، ومن السنة وهو الناطق بها؟

ثم كيف فات أكابر الصحابة وعلماءهم وفضلاءهم، والله تعالى يقول: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم)؟

وقل مثل ذلك في التابعين والأئمة الأربعة وغيرهم من علماء الأمة، كيف عميت عليهم معاني تلك النصوص وخفي عليهم فهمها، وهم أساطين العلم والفهم والعقل؟

10 - وأخيراً فإن أكثر الناس لا يعرفون هذه الحقائق، وتختلف أفهامهم ومقاصدهم من حضور تلك الاحتفالات:

فمنهم من يقصد بها دراسة السيرة النبوية، ولا يفهم من معنى " المولد " إلا هذا، وهؤلاء هم السواد الأعظم من الحاضرين والمحتفلين.

ومنهم من يقصد بها التبرك بحضور مجالس الذكر، فكل مجلس ذكر عندهم يمكن أن يطلق عليه "مولد".

ومنهم من يحضرها إجابة للدعوة ومشاركة في الاجتماع، ويعتبرها من أمور العادات.

وعلى كل حال فإن قضية "المولد"، بمعنى الاحتفال بذكراه، ونحوه من المبتدعات ليست أصل النزاع بين " المخالف " وبين خصومة من أهل العلم ممن تعقبه ورد عليه، كما زعم أولئك المتكلفون، مع أنها محل خلاف بين الفريقين، ولكن أصل النزاع - معشر المؤمنين - هو كما ذكرت، في أركان الإيمان وشرائع الدين.

فإن كان الخلاف في أصول الدين وأركانه، فالأمة كلها معنية به، ومن حق المسلمين جميعاً، بل من الواجب المتحتم عليهم أن ينصروا الحق ويعلوا رايته، ويوالوا أهله، وأن يقمعوا الباطل ويدمغوا رايته، ويعادوا أهله ويتبرءوا منهم، عملاً بقول الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم). وإذعاناً لأمره ونهيه إذ قال: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقال أيضاً: (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) (التوبة:71).

ووقوفاً عند حده في قوله: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه، ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك حزب الله، ألا إن حزب الله هم المفلحون) (المجادلة: 22).

فذلك هو أقل الواجب وأضعف الإيمان، أن يتبرأ المؤمنون من هؤلاء المخالفين وأضرابهم وأن يتبرءوا إلى الله من أقوالهم وأفعالهم وبدعهم ومنكراتهم (جاء في الهامش: ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المخالف يجتمع ووالدي في الأب الثالث عبدالعزيز المالكي.

فوالدي: خليل بن محمد بن أحمد بن عبدالعزيز، وهو: محمد بن علوي بن عباس بن عبدالعزيز).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير