تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما أبو الحسن الأشعري فنجده في الإبانة يحتج بالأحاديث الصحيحة كما في حديث الإصبع وغيره انظر الإبانة ص25 كما يكثر من الاحتجاج بالأحاديث خلافاً لمن بعده من المتكلمين الذين قل ما نجد حديثاً في كتبهم الكلامية يحتجون به

أما الجويني فقد اقترب كثيراً من المعتزلة، فنجده يشتد نكيره على من يرى أن خبر الواحد يحصل به علم إذ يقول:

((ذهبت الحشوية من الحنابلة وكتبة الحديث إلى أن خبر الواحد العدل يوجب العلم وهذا خزي لا يخفى مدركه على ذي لب)) البرهان ج1ص606

ومن ثم يرى أنه لا يحتج به في إثبات العقائد التي تخالف الدليل العقلي في نظره بل إن لو اجتمعت الأمة على العمل بخبر فإجماعهم على العمل به لا يوجب القطع بصحته!!

يقول: ((إن الأمة لو اجتمعت على العمل بخبر من أخبار الآحاد فإجماعهم على العمل به لا يوجب القطع بصحته)) الشامل ص558

ولهذا نرى انه في الإرشاد يجيز (مميز الإضراب)! عن الأحاديث الصحيحة بحجة إنها من قبيل الآحاد وذلك في معرض رده على من يسميهم (مميز الحشوية) في قضية الصفات الخبرية إذ يقول:

((وأما الصفات التي يتمسكون بها فآحاد لا تفضي إلى العلم ولو أضربنا عن جميعها لكان سائغاً [!] لكنا نؤمى إلى تأويل ما دون منها في الصحاح)) الإرشاد ص161

وكذا في الشامل تأول أحاديث الصفات (مميز تسامحاً)! على حد قوله وإن كان يرى انه لا يلزمه تأويل الآحاد!!

وفي ذلك يقول: ((وليس يتحتم علينا أن نتأول كل حديث مختلق وقد بينا أن ما يصح في الصحاح من الآحاد لا يلزم تأويله إلا أن نخوض فيه مسامحين فإنه إنما يجب تأويل ما لو كان نصاً لأوجب العلم)) الشامل ص561

ثم إنه يعتبر من يرى الحديث حجة في العمل دون العلم متساهل!

يقول: ((ثم أطلق الفقهاء القول بأن خبر الواحد لا يوجب العلم ويوجب العمل

وهذا تساهل منهم والمقطوع به أنه لا يوجب العلم ولا العمل

فأنه لو ثبت وجوب العمل مقطوعاً به لثبت العلم بوجوب العمل، وهذا يؤدي إلى إفضائه إلى نوع من العلم، وذلك بعيد، فإن ما هو مظنون في نفسه يستحيل أن يقتضي علماً مبتوتاً)) البرهان ج1/ص599

وهذا الأخير الذي قاله الجويني مخالف لإجماع المسلمين، ولقد حكى الإجماع على وجوب القبول بخبر الواحد الإمام الشافعي رحمه الله في كتابه جماع العلم الفقرة (288) فقال في معرض الرد على من قال لا يعمل بخبر الواحد وإنما يعمل بالإجماع:

((ثم عبت ما أجمعوا عليه لا شك فيه وخالفتهم فيه فقلتَ: (مميز لا ينبغي قبول الخبر على الانفراد) ولا ينبغي الاختلاف.

إن قولك الإجماع على خلاف الإجماع)) أهـ

ومعنى هذا: إن قولك لا يعمل إلا بالإجماع ولا يعمل بالخبر على الإنفراد) على خلاف ما أجمع عليه هؤلاء الأئمة من العمل بالخبر على الإنفراد، وهذا قول الشافعي رحمه ولم يفرق الشافعي رحمه الله بين (مميز مسائل علمية وعملية)

وممن نقل الإجماع كذلك الإمام بن عبد البر رحمه الله المتوفى سنة 463 بل وافتتح بهذا الإجماع كتابه العظيم التمهيد فقال رحمه الله (1/ 2):

((وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به، إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو أجماع على هذا جميع الفقهاء من كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع، شرذمة لا تعد خلافاً أهـ

ولم يفرق ابن عبد البر بين مسائل علمية وبين العملية، بل من اللطائف استدلاله في هذا الباب بحديث النزول في معرض تحقيقه مسألة العلو فقال رحمه الله عقب حديث أبي هريرة:

((وفيه دليل على أن الله عز وجل في السماء على العرش فوق سبع سماوات كما قالت الجماعة)).أهـ (التمهيد7/ 129)

وموضع الحسن هنا أن ابن عبد البر استدل بلازم المعنى، وهذا من أبلغ ما يكون في تحقيق المعنى وتقريره، وهذا الحديث وإن قال فيه ابن عبد البر رحمه الله قد روي من طرق متواترة إلا أن هذا التواتر غير جار على أدلة المتكلمين، ثم هو رحمه الله قد نقل مقراً عن أئمة أهل السنة، الاحتجاج بخبر الواحد في مسائل الصفات مثل صفة الأصبع، وصفة العجب والضحك، ووضع الجبار جل جلاله قدمه في جهنم

ونقل قول الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام: ((هذه الأحاديث (مميز حق) رواها الثقات)) انظر التمهيد (7/ 148 - 150)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير