تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكر الحافظ الذهبي أن أبا الفتح الطبري قال: ((دخلت على أبي المعالي في مرضه فقال: اشهدوا على أنني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور)) السير ج11 ص509

ولم يستطع السبكي أن ينتقد سند هذه الرواية ..

وإنما قال: ((وهذه الحكاية ليس فيها شيء مستنكر إلا ما يوهم أنه كان على خلاف السلف)) طبقات الشافعيه للسبكي ج5 ص191

قلت: بل يفهم أن منهجه التأويلي للصفات الواردة في القرآن والسنة نتيجة انشغاله بعلم الكلام مخالف للسنة ومنهج السلف

وأنه يرجع عن جميع معتقداته المخالفة للفطرة وهو ما يؤمن به كل من كانت فطرته سليمة لم تتلوث بعلم الكلام كالعجائز مثلاً وانه يرى أن ذلك هو المذهب الصحيح لا ما يعتقده المتكلمون …

فرحمه الله تعالى بواسع رحمته ..

وقد جاء كذلك في المنتظم أن القيرواني قال: ((سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام فلو علمت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به)) المنتظم ج9 ص19 والسير ج11 ص508

ويذكر الذهبي أن أبو الحسن القيرواني الاديب –وهو من تلاميذ الجويني قال -: سمعت أبا المعالي يقول: ((يا أصحابنا لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به)) السير ج11 ص508

وروي عنه أنه قال: ((قرأت خمسين ألفا في خمسين ألفا، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم وغصت في الذي نهى أهل الإسلام، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز،، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، ويختم عاقبه أمري عند الرحيل على كلمه الإخلاص: لا إله إلا الله، فالويل لابن الجويني)) السير ج11 ص507

ويحكي الحافظ الذهبي رجوعه عن علم الكلام إذ يقول: ((كما أنه في الآخر رجح مذهب السلف في الصفات وأقره. قال الفقيه غانم الموشلي سمعت الإمام أبا المعالي يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اشتغلت بالكلام)) السير ج11 ص508

ونقل توبته أيضاً الحافظ ابن تيميه في مواضع والحافظ بن حجر عن القرطبي في فتح الباري وغيرهم.

ويذكر ابن عماد الحنبلي أن من شعره:

(شعر نهاية أقدام العقول عقال + وغاية [آراء الرجال] ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا + وغاية دنيانا أذى ووبال) شذرات الذهب3/ 361

(شعر [وفاته])

من الأمور الغريبة التي جرت له في مرضه الذي توفي فيه ما جاء في كتاب المنتظم من أن ((هبة الله السقطي قال: قال لي محمد بن الخليل البوشنجي حدثني محمد بن علي الهريري وكان تلميذ أبي المعالي الجويني قال: دخلت عليه في مرضه الذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه ويسقط منه الدود لا يستطاع شم فيه،

فقال [الجويني]: هذا عقوبة تعرضي بالكلام فأحذره)) المنتظم ج9 ص20 وأنظر النجوم الزاهرة ج5 ص121

وقد جزع الناس لوفاته جزعاً شديداً وازدحم الناس ازدحاما شديداً أدى لكسر منبره، ومن مظاهر الجزع التي لا تليق أن طلبته كانوا قريباً من 400 نفر يطوفون في البلد نائحين مكسرين المحابر والأقلام مبالغين في الصياح والجزع.

ولقد انتقد الذهبي هذا المسلك المخالف للسنة فقال: ((هذا من زي الأعاجم لا من فعل العلماء المتبعين)) السير ج11 ص509

ولقد أصاب الذهبي في نقده لهذا التصرف فالإسلام ينهى عن الجزع ويأمر بالصبر. كما ينهى عن إضاعة المال وكونهم يكسرون محابرهم وأقلامهم تعبيراً عن جزعهم يتنافى مع الصبر الذي أمرنا به مع ما فيه من إضاعة المال.

ولكن هذا لم يعجب السبكي فقال: ((وقد حار هذا الرجل ما الذي يؤذي هذا الإمام وهذا لم يفعله الإمام ولم يوصي به حتى يكون غضاً منه، .. فقد كانوا أربعمائة تلميذ لم يتمالكوا معه الصبر [!!] بل أداهم إلى هذا الفعل ولايخفى أنه لو لم تكن المصيبة عندهم بالغة أقصى الغايات لما وقعوا في ذلك وفي هذا أوضح دلالة لمن وفقه الله على حال هذا الإمام)) الطبقات ج5 ص184

أقول: وهذا فيه تعصب واضح للجويني وتحامل على الذهبي فلا نزاع أن جزعهم على إمامهم يدل على مكانة الإمام في نفوسهم ولكن هل هذا الفعل منهم قبيح أم ليس بقبيح بصرف النظر عما يحمل من دلالة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير