ثم تنظروا كون شيوخهم أئمة ضلال ودعاة إلى الباطل ومرتكبين إلى ما قد نهوا عنه)
(الفصل الحادي عشر)
ثم تحذروا الركون إلى كل أحد والأخد من كل كتاب فإن التلبي قد كثر والكذب على المذاهب قد انتشر)
فجميع ما ذكرت بكم إليه حاجة عند الرد عليهم أحد عشر فصلا من أحكمها تمكن الرد عليهم إذا سبق له العلم بمذهبه ومذهبهم وأما العامي والمبتدي فسبيلهما أن لا يصغيا إلى المخالف ولا يحتجا عليه فإنهما إن أصغيا إليه أو حاجاه خيف عليهما الزلل عاجلا والانفتال آجلاً، نسأل الله العون على بيان ما أشرنا إليه فإنه لا حول ولا قوة إلا به وهو حسبنا ونعم الوكيل. أ.ه
(يتبع في الحلقة القادمة)
الفصل الثاني
في
(بيان ما هي السنة؟ وبم يصير المرء من أهلها؟)
اعلموا رحمكم الله أن السنة في لسان العرب هي: الطريقة فقولنا: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: طريقته وما دعا إلى التمسك به ولا خلاف بين العقلاء في أن سنة الرسول عليه السلام لا تعلم بالعقل وإنما تعلم بالنقل.
فأهل السنة: هم الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه رضي الله عنهم فيما لم ثبت فيه نص في الكتاب ولا عن الرسول صلى الله عليه وسلم لأنهم رضي الله عنهم أئمة وقد أمرنا باقتداء أثارهم واتباع سنتهم وهذا أظهر من أن يحتاج فيه إلى إقامة برهان والأخذ بالسنة واعتقادها مما لا مرية فيه وجوبه.
قال الله تعالى {قال إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وقال {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (من خالف سنة كفر)
وإذا كان الأمر كذلك فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله فإن أتى بذلك علم صدقه وقبل قوله وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف علم أنه محدث زائغ وأنه لا يستحل أن يصغا إليه أو يناظر في قوله وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر ونفورهم عنهم بين وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون قال الأشعري وقال ابن كلاب وقال القلانسي وقال الجبائي فأقل ما يلزم المرء في بابهم أنه يعرض ما قالوا على ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن وجده موافقاً له ومستخرجاً منه قبله، وإن وجده مخالفاً له رمى به.
ولا خلاف أيضاً في أن الأمة ممنوعون من الإحداث في الدين ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه لكونه من أخبار الآحاد وهي لا توجب علماً وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً مخالفاً، ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهله ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم وأن المبتدعة خصومنا دوننا. وبالله التوفيق.
... الفصل الثالث ...
في
التدليل على أن مقالة الكلابية وأضرابهم مؤدية إلى نفي القرآن أصلاً
وإلى التكذيب بالنصوص الواردة فيه والرد لصحيح الأخبار ورفع أحكام الشريعة
لا خلاف بين المسلمين أجمع في أن القرآن كلام الله عزوجل وأنه الكتاب المنزل بلسان عربي مبين الذي له أول وآخر وهو ذو أجزاء وأبعاض وأنه شئ ينقري ويتأتى أداؤه وتلاوته.
ثم اختلفوا بعد هذه الجملة فقال أهل الحق: هو غير مخلوق، لأنه صفة من صفات ذاته، وهو المتكلم به على الحقيقة، وهو موصوف بالكلام فيما لم يزل.
وقال بعض أهل الزيغ: هو مخلوق أحدثه في غيره وأضافه إلى نفسه وقال آخرون منهم هو كلامه ولا نزيد عليه ولا نقول: إن مخلوق أو غير مخلوق.
واتفق المنتمون إلى السنة بأجمعهم على أنه غير مخلوق وأن القائل بخلقه كافر فأكثرهم قال: إن كافر كفراً ينقل عن الملة ومنه من قال: هو كافر بقول غير الحق في هذه المسألة.
والصحيح الأول، لأن من قال إنه مخلوق صار منكراً لصفة من صفات ذات الله عز وجل، ومنكر الصفة كمنكر الذات، فكفره كفر جحود لا غير.
¥