تعليقا على ما ذكره الأخ الفاضل أبو عمر السمرقندي فيما يتعلق بشرك مشركي العرب، فلي معه وقفات:
أولا:
قوله: (فمن الأمور الذائعة المشهورة بين كثير من طلبة العلم أنَّ مشركي العرب إنما كان شركهم في توحيد الألوهية حسبُ، وأما توحيد الربوبية والأسماء والصفات فكانوا موحدين فيهما.).
فما ذكره الأخ سدده الله لا يمكن تحصيله، ونسبته لأحد (أيا كان) فضلا أن يكون أمراً ذائعاً مشهورا، والأمر كما بينه الأخ (أخو من طاع الله) = أنه ليس ثم من أهل العلم، سواء من أئمة الدعوة وغيرهم، وأقول: بل ولا من عامة طلبة العلم.!!
وتوضيحا لذلك أقول:
إن مشركي العرب كانوا مقرين بجملة واسعة من توحيد الربوبية، وهذا صريح ما جاء في التنزيل، وكثيرا ما يحتج الله عليهم بما أقروه من توحيد الربوبية على وجوب إفراده بالألوهية.
ومع ذلك فقد صرح التنزيل بأن الكفار كانوا منكرين للبعث، بل أنكروا تعلق القدرة بها، كما قال تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (يّس:78)، وهذا مما هو معلوم بصريح الكتاب، وهو مناقض لتوحيد الربوبية، وهذا صريح.
والسؤال الذي يطرح نفسه؟!!
هل يقال بعد هذا إن كثيرا من طلبة العلم يقولون: إن مشركي العرب كانوا موحدين في توحيد الربوبية بالجملة؟!
هذا مما لا يمكن تحصيله مقالة لأحد، حتى الأخ أبي عمر السمرقندي قبل أن يتبين له هذا الخطأ الشائع، ولا غيره من المبتدئين أو الخاصة؟!
وهذا من الوضوح بمكان بما لا يحتاج أن يقال إنها تفهم من كلام إمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب من بعض تبويباته، أو يستدل لها بمثل: التبرك، والتوسل، وشرك التأثير؟!
ثانيا:
قوله: (أنَّ مشركي العرب ما كانوا يوحِّدون العبادة كلها لأصنامهم؛ بل كانت لهم عبادات لله تعالى؛ كالذبح والنذر والصلاة والحج والصوم والإطعام و ... )
ثم قال:
(إذا تبيَّن هذا عُلِمَ أنَّ مشركي العرب كانوا يشركون بأفرادٍ من توحيد الألوهية، وهو: توحيد الله بأفعال العباد، ولم يكونوا مشركين بصرف العبادة (كلها) لغير الله سبحانه وتعالى).
أما المقدمة التي قدم بها فلا أدري ما يريد بها، هل هو دفع توهم (يظنه) أن ثم من يقول إن كفار قريش كانوا يوحدون العبادة، ويمحضونها لغير الله؟!
إن كان هذا ما أرداه، فهذا لا قائل به ألبتة، وقد صرح التنزيل به كما قال تعالى عنهم: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) (صّ:5).
والإشكال يكمن في ما فرعه على هذا المقدمة بقوله:
(كانوا يشركون بأفراد من توحيد الإلهية).
لأنهم كانوا ينكرون توجه العبادة لله وحده دون آلهتهم، كما في الآية السابقة، ولم ينكروا استحقاق الرب جل وعلا للعبادة، وفرق بين المقامين؟!
فتوجهم لعبادة ما لله بالعبادة، دون اعتقاد أنه يجب إفراده بالعبادة، فلا يسمى توحيدا، وعليه فليس هنا ك أفراد من توحيد العبادة أقر المشركون باستحقاقها لله وحده، وأفراد أنكروا استحقاق الله لها؟!!
قال ابن أبي حاتم:
ما ذكره الأخ (أبو عمر السمرقندي) في تقرير عقيدة المشركين = صحيح، وإنما كان النقاش معه، في قضيتين:
أولا: في نسبة هذا الخطأ (والذي نعارضه عليه)، وكأن سبب الإشكال عنده ما فهمه من كلام إمام الدعوة في المواضع التي سماها مجملة، وهي في الواقع كانت في موضع الحجاج مع مشركي زمان الشيخ، وهذه طريقة القرآن في الحجاج مع مشركي العرب، حيث كان النقاش معهم = فيما أقروا فيه من توحيد الربوبية على إلزامهم بتوحيد الألوهية؟!
ثانيا:
في عبارات أطلقها الأخ الفاضل، وهي غير دقيقة، وتحتاج إلى تحرير = أحببت التنبيه عليها، مع علمي أنه يوافقني بمضمون ما ذكرته.
وأخيرا، فما ذكرته، وسبقني إليه الأخ الفاضل (أخو من طاع الله) = هو وضع لنقاط على حروف أخينا أبي عمر وليس ثم خلاف جوهري في المسألة؟!
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[21 - 01 - 03, 01:15 ص]ـ
أحسنتما بارك الله فيكما .. وبما أنَّ الأمر ليس فيه مخالفة بل موافقة، و ليس هو في أمر جوهري في الموضوع فلن أستهلك الوقت في الرد على تعقيبكما النفيس ...
وتبقى الأمور التي ليست جوهرية محل نظر.
وجزاكم الله خيراً وبارك فيكم.
ـ[سابق1]ــــــــ[21 - 01 - 03, 11:29 م]ـ
إن كان كلام "أخو من طاع الله" وضع النُّقاط على الحروف، فإنَّ "ابن أبي حاتم" وفّقه الله، قد ضبط الكلام بالشَّكل، فضبطه عن الإشكال، وفّقه الله، وبارك فيه ..
ومسألة: مخالفة المشركين في الربوبية، تحتاج إلى تحرير، وحسن تقسيم وتصوير .. فإنَّها من أبلغ حجج التوحيد على الوثنيَّة، المعاصرين والقدماء، وتصويرها، مما يعين على فهمها، ويتمّم قيام الحجة بها.
ـ[أبو عمر السمرقندي]ــــــــ[16 - 05 - 03, 08:41 م]ـ
قال الله تعالى:
((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتو العلم درجات)).
¥