وتمييز مراتب العلماء ومعرفة مذاهبهم إنما تطلب بقدر ما يعين على ذلك، وليس مقصود من يرجو لقاء الله تعالى أن ينتقص من قدر من جعل الله تعالى لهم لسان الصدق في المسلمين ونفعهم بعلومهم قروناً، مع كثرة إصابتهم الحق وتحريهم له ..
ولولا الله ما هتدى مهتد، وكم من مصيب في موطن مخطء في غيره، وبالعكس، فليس للإنسان كائناً ما كان إلا أن يتغمده الله تعالى برحمته ومغفرته، وألا يتألى عليه ولا يستكبر عن عباده ولا يتكبر على عباده ..
والله أعلم
ـ[مسدد2]ــــــــ[09 - 08 - 09, 08:21 م]ـ
وفقك الله وبارك فيك
هل تتكرم بالصبر على قراءة ترجمة أبي عثمان الصابوني في طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي؟
وإياكم،
قد فعلتُ وها هو الكتاب أمامي .. طبعة هجر.
وبالمقابل، لو لاحظتَ أخي الكريم، أن الذهبي في ترجمته في السير لم يصفه بكونه فقيهاً، أو من فقهاء الشافعية، فضلاً عن أن يكون من المشار إليهم بالبنان.
وكذلك، النووي رحمه الله في تهذيب الاسماء واللغات لم يترجم للصابوني لكونه لم يأتِ ذكره في أي كتاب من الكتب التي جردها النووي رحمه الله وهي كما في المقدمة: (المهذب والتنبيه والوسيط والوجيز والروضة) ثم قال (وأضم الى اللغات ما في هذه الكتب من أسماء الرجال والنساء والملائكة والجن وغيرهم ممن له ذكر في هذه الكتب برواية وغيرها مسلماً كان أو كافراً براً أو فاجراً) ..
فما مرّ ذكر الصابوني مرة واحدة في أي من تلك الكتب.
ثم في طبقات الشافعية، وفي ترجمته عند عبد الغفار، لم يذكره بالفقه، وإنما كل من سبق إنما وصفه بالمحدّث، المفسر، الواعظ .. وهكذا في ترجمته عند غيره في طبقات الشافعية، فإنما انحصر ذكره في الوعظ والتحديث ..
وعادة التاج في آخر الترجمة أن يورد من غرائب المتَرجم الفقهية، فلم يورد له شيئا .. ولم يذكروا اياً من مشاركاته في الاختصار او الشرح او التأليف في الفقه او اصوله ..
الواقع اننا حينما نقول فلان شافعي ومن اعيان الشافعية، يفقز الى الذهي التقدم والامام في الفقه واصوله .. وانما اردتُ بيان انه مع امامته في علوم عدة، لكنه ليس من المذكورين بين ائمة الفقهاء الشافعية وأعيانهم ولا في هذا المضمار بمقام الرافعي والنووي، وابي اسحاق الشيرازي قبلهما ..
نعم، قال التاج كلمة واحد في بداية ترجمته: الفقيه، لكن يبدو أنه من باب الأدب إذ ليس في اي من التراجم من ذكره بذلك غيره.
والله أعلم وهو من وراء القصد
مسدد2
ـ[أبوعبدالله وابنه]ــــــــ[09 - 08 - 09, 09:46 م]ـ
زادكم الله توفيقا وسداداً ..
أعتقد أن بين قولنا: فلان من أعيان الشافعية، وبين قولنا فلان من أعيان فقهاء الشافعية فرقاً ..
ثم إن المقام هنا ليس في الفقه وأصوله، وإنما في العقيدة واتباع السلف الصالح رضي الله عنهم ..
أوليس أبوعثمان الصابوني من الأعيان وهو شيخ الإسلام على الحقيقة كما يقول السبكي، ناهيك عما كان له من الرئاسة الدينية والاجتماعية في زمانه وبلاده؟
ثم أليس هو شافعياً ..
ولو توهم متوهم أنه كان من أعيان فقهاء الشافعية فما تأثير هذا فيما نحن فيه هنا؟ وليس الكلام عن نقل المذهب والاجتهاد فيه أو التخريج والتوجيه على طريقة الفقهاء! ..
ثم قد تقدم لكم يا أخي الإفادة بأن اشتهاره كان بسبب كلامه في العقائد .. !
فإن كان هذا فما رأيكم بأسلوب ابن السبكي في التنويه به وهو من لا يخفى على مثلك حاله في هذا الباب خاصة!، بل نقل ثناء الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني البالغ عليه وتلقيبه إياه بالأستاذ الجليل سيف السنة غيظ أهل البدع ..
فهذا حاله في السنة والعقيدة عند الأستاذ أبي إسحاق
وكذا نقل ثناء الأستاذين أبي بكر ابن فورك وأبي سهل الصعلوكي وغيرهما عليه ..
وهو كان يبادلهم نظيراً من ذلك فكان يثني على كتاب الإبانة للشيخ أبي الحسن الأشعري
رحم الله جميعهم بواسع رحمته، وأسكنهم بفضله فسيح جنته ..
وترجمته عند السبكي حافلة كما رأيت والحمد لله وليت كل من مر بكلامنا يطلع عليها ومما فيها ثناء الإمام شيخ المذهب أبي القاسم الرافعي عليه الذي منه: نشر العلم إملاء وتصنيفاً وتذكيراً واستفاد الناس منه على اختلاف طبقاتهم ...
وغير ذلك مما يطول ذكره فلا يفهم من ترجمته أنه كان مجرد واعظ بارع، عظمه بعض الحشوية والعوام لكلامه في العقائد بما يألفون وأخذه بخوطرهم، ولأنه يشتغل بالنقل والحفظ وهو بضاعة البطالين والجامدين غير المحصلين، وأنه لا حظ له في النظر الفقهي فكيف بالنظر الأصلي العقدي؟!!
ومن فوائد ترجمة السبكي له أنه ختمها بإيراد وصيته التي كتبها بدمشق لما وردها حاجاً، ويحسن أن تضم إلى رسالته الشهيرة في اعتقاد السنة التي كتبها بسؤال أهل آمل طبرستان وجيلان لما وردهم في طريقه للحج وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كما نص في صدرها ..
أسأل الله تعالى أن يجعل مقصودنا جميعاً رضاه، ويمنحنا التوفيق لبلوغه بمنه وكرمه آمين
¥