[مختصر النزعات في المهدي]
ـ[مبلغ]ــــــــ[08 - 02 - 03, 12:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عن حفص بن غياث رحمه الله تعالى قلت لسفيان الثوري: يا أبا عبد الله إن الناس قد أكثروا في المهدي فما تقول فيه؟ قال: (إن مر على بابك فلا تكن منه في شيء، حتى يجتمع الناس عليه) ذكر ذلك أبو نعيم في الحلية.
المهدي المنتظر محمد (بن عبد الله) من آل البيت ولا يدعي النبوة، تواترت فيه الأحاديث وأخبرت عنه بأنه خليفة راشد، ولا يختلف أهل السنة أنه من البشر ي وليس معصوم، يملأ الأرض قسطاً، وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، مهمته الإصلاح والحكم بالعدل، وهدم القوانين الوضعية، والتشريعات الجاهلية، ويكافح أهل الخرافات والدجالين الكذابين الذين استحوذ عليهم الشيطان فصدهم عن سواء السبيل.
وإنه في كل قرن تبتلى الأمة، بضالين عن الهدى لا يعرفون العلم ولا يؤمنون بالمشورة، لهم مآرب قبيحة وأهداف عليلة تراكمت عليهم ظلمات الجهل، و تجارت بهم الأهواء، ولا يفقهون الإصلاح، يعظمون موافقيهم، ويبدعون أو يكفرون مخالفيهم، ويبغون في الأرض الفساد، يستحلون الكذب لترويج ضلالهم ويسخرون من العلماء حين يكشفون حقائقهم.
و يخطئ من يكذب بالصدق لكثرة الكذابين،فالحق أبلج والباطل لجلج، وعلامات المهدي ثابتة في الأحاديث الصحيحة واضحة فحذار، من خرافات الرافضة في مهديهم، وحذار من ردّ الأحاديث الصحيحة، والتكذيب بالحق، فقد افتُعلت في هذا العصر نزعات متعددة، وذهب أعداد من الناس في المهدي إلى مذاهب شتى
(1) - فقسم خرج عن الاعتدال الذي أمر الله به ورسوله، وكذب جملة من الأحاديث المتواترة، يقول قائلهم (ودعوى المهدي في مبدئها ومنتهاها مبنية على الكذب الصريح، والاعتقاد السيئ القبيح وهي في الأصل حديث خرافة، يتلقفها واحد عن الآخر، وقد صيغت لها الأحاديث المكذوبة سياسة للإرهاب والتخويف، حيث غزا بها قوم على آخرين، و إلا فمن المعلوم قطعاً أن الرسول الكريم (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) لذا فلن يفرض على أمته التصديق برجل من بني آدم، مجهول في عالم الغيب، ليس بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا يأتي بدين جديد من ربه بما يجب الإيمان به، ثم يترك أمته يتقاتلون على التصديق والتكذيب به إلى يوم القيامة، إن هذا من المحال أن تأتي الشريعة به إذ هو جرثومة فتنة دائمة، ومشكلة لم تحل والرسول جاء بمحاربة الفتن ... ) ويقول آخر منهم (وجرّت هذه العقيدة – يعني: عقيدة المهدي - على المسلمين شقاء طويلاً، إذ قام فيهم كثيرون بهذه الدعوى، وخرجوا على الحكام فسفكت بذلك دماء غزيرة ... ) ولا يخفى على ذي علم أن هذا شطط في التعامل مع القضايا العلمية، وخروج عن العدل الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ..
(2) - وقسم من البشرية،لم يفهموا ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث في هذا الباب، وأدى إليهم اجتهادهم بعد البحث، وتحري الحق إلى إنكاره وعدم الإيمان به، فأولئك لهم أجر واحد بنص قوله صلى الله عليه وسلم (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) متفق عليه.
(3) - وقسم من الناس قبلوا كل ما هب ودب، فقبلوا الأخبار الموضوعة، والحكايات المكذوبة، وصارت أسانيدهم عن هيان بن بيان وطبقته، وصنف من هؤلاء، يعيشون على الرؤى والمنامات، ويأتون إلى الأحاديث الصحيحة في المهدي فيربطونها بالأحاديث الضعيفة، ويخرجون بنتائج مضحكة، وقد جزم أحدهم بتحديد وقت خروج المهدي بموت فلان من الناس ..
(4) - وقسم صاروا في حيرة مظلمة،بين مصدق ومكذب، وقديماً قيل (لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف) ومع غياب العلماء والمصلحين تسود الفوضى.
¥