تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

معذرة فقد كان الموضوع مغلقا وبعده سافرت لمدة ثلاثة أيام ورجعت قبل قليل، وهذه أجوبة سريعة لبعض ما طلبت مني الإجابة عنه:

1) أما الإجماع الذي نقله الشيخان (إسحاق وأبابطين) على التفرقة في العذر بين مسائل ومسائل و سبب عدم اعتباره، فهو أنه مخالف لإجماع على عدم التفرقة حكاه ابن حزم وهما _ رحمهما الله _ محجوجان به، قال الإمام ابن حزم في الفصل ص 16:

بعدما ذكر أن طائفة ذهبت إلى تكفير من خالفها في بعض مسائل الاعتقاد والفتيا دون بعض مستنكرا هذا التفريق، ثم قال ما نصه:

(وذهبت طائفة إلى أنه لا يكفر ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أو فتيا وأن كل من اجتهد في شيء من ذلك فدان بما رأى أنه الحق فإنه مأجور على كل حال إن أصاب الحق فأجران وإن أخطأ فأجر واحد وهذا قول ابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وداود بن علي رضي الله عن جميعهم وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة رضي الله عنهم لا نعلم منهم في ذلك خلافا أصلا) اهـ

2) الشيخان الجليلان (إسحاق وأبابطين) لم يذكرا أحدا سبقهما نص على أن مسائل توحيد الألوهية لا عذر فيها، وإنما مستندهما في هذا الإجماع هو النقل عمن يفرق بين أصول الدين وفروعه من الأشاعرة والماتوريدية، وهو عين التفريق المبتدع الذي أنكره شيخ الإسلام، والقائلون به يصنفون مسائل الألوهية ضمن الفروع التي يعذرون جاهلها

3) أما النقل الذي بنيتم عليه أصل التفرقة بين المسائل الظاهرة والخفية وهو قول شيخ الإسلام:

" وفي الحقيقة أن كل رد لخبر الله أو أمره فهو كفر دق أو جل، لكن قد يعفى عمّا (خفيت فيه طرق العلم وكان أمرا يسيرا في الفروع) بخلاف (ماظهرأمره وكان من دعائم الدين من الأخبار والأوامر) "

فعبارته واضحة في أنه يفرق بين متى نحكم بأن رد خبر الله كفر ومتى لا نحكم بكونه كفرا، لكن عندما يكون الرد كفرا فلا يلزم من هذا أن يكون الراد كافرا حتى تقوم عليه الحجة فلا يلزم من كون القول أو الفعل كفرا أن يكون القائل أو الفاعل كافرا حتى تقوم عليه الحجة وهذا قد وضحه شيخ الإسلام مرارا

وانظر إلى فهم صاحب الاختيارات لمذهب شيخ الإسلام حيث قال ص 307:

ومن شك في صفة من صفات الله ومثله لا يجهلها فمرتد وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد. اهـ

فجعل الصفة عينها يكون ردها كفرا في حق شخص ولا يكون كفرا في حق آخر والمرجع في التفريق هو إلى كون (مثله يجهلها) ولم يذكر الحالات الثلاث، نعم الحالات الثلاث مظنة للجهل لكن نفي الجهل عمن في غير الحالات الثلاث ليس بصحيح فكثير ممن يقيمون اليوم ببلاد الإسلام (غير المملكة العربية السعوية) يوجد من يلبس عليهم من علماء السوء ومثلهم يجهل أشياء لا يجهلها أهل البادية البعيدة في المملكة فلماذا الإصرار على هذه الحالات الثلاث وحمل كل نص عام لإمام متقدم بالإكراه على أنه يريد الحالات الثلاث؟ لماذا لا نطلق أن الجاهل معذور ونستريح ونكتفي بأن الحالات الثلاث مظنة للجهل وأولى منها الإقامة في بلد تظهر فيها البدعة ومظاهر الشرك وفيها علماء سوء يلبسون على العوام فيكون أهلها أولى بالعذر.

وانظر كلاما لابن القيم يؤكد صحة فهمنا لكلام شيخ الإسلام، قال في إغاثة اللهفان 1/ 123:

وهؤلاء الجهال يرى أحدهم أدنى شيء فيحكم هواجسه وخواطره على الكتاب والسنة ولا يلتفت إليهما ويقول حدثني قلبي عن ربي ونحن أخذنا عن الحي الذي لا يموت وأنتم أخذتم عن الوسائط ونحن أخذنا بالحقائق وأنتم اتبعتم الرسوم وأمثال ذلك من الكلام الذي هو كفر وإلحاد وغاية صاحبه أن يكون جاهلا يعذر بجهله. اهـ

فانظر يا محب العلم وأنصف رحمك الله كيف وصف ردهم للكتاب والسنة بالهواجس بأنه كفر وإلحاد ثم حكم بأنهم معذورون بالجهل إن كانوا جهالا، فهل نحن أعلم بابن تيمية من ابن القيم؟ أليس هذا واضحا في أنه لا تلازم بين كون الرد كفرا وبين كون الراد كافرا؟

4) أرى أن كلام شيخ الإسلام المذكور لا يخدم ما تدعو إليه لأن شيخ الإسلام أوضح أن الرد لحكم الله لا يكون كفرا إذا كان ردا لخبر يسير في الفروع مما خفيت فيه طرق العلم

فجئت أنت وفسرت المسائل الخفيّة التي يعذر فيها بالجهل عندك بأنها: (كإنكار بعض الصفات التي وقع فيها النزاع بين أهل السنة وغيرهم وكالمسائل التي تقع فيها الفرق المخالفة للسنة في القدر والإيمان وغيرها مما يخفى مأخذه.) اهـ كلامك.

فسبحان الله! كيف تكون مسائل في الصفات والقدر والإيمان من الفروع؟

ولاحظت أنك تؤكد على أن مسائل الصفات والقدر والإيمان التي عددتها من الفروع هي تلك التي اختلف فيها أهل السنة وغيرهم، فلماذا لم تجعل المسائل المختلف فيها بين أهل السنة وغيرهم من القبورية والصوفية من مسائل الفروع ما دام الاختلاف عندك مظنة للجهل والتباس الفهم والاختلاف عندك يخرج المسألة من الأصول إلى الفروع حتى تطرد قاعدتك؟

5) أعجبني نقلك:

[من المعلوم أن الطعن في المعظمين ربما أدى إلى رفض الأتباع للدعوة الصحيحة وتركهم لها، وعليه فإن كلام الشيخين محمول على أنهم كانوا يراعون عدم تنفير المخاطبين في الدعوة بالطعن في معظميهم، فسكتوا عنه لهذا الملحظ]

فليتك تتحلى بهذا الأدب الرفيع الذي كان عليه علماء الدعوة النجدية قدس الله أرواحهم ونور أضرحتهم.

6) أما اتهامك لي ببطر الحق وغمط الناس وتوضيحك أن الناس الذين غمطتهم هم الإمامان إسحاق وأبابطين، فلا أقول إلا: حسبي الله ونعم الوكيل، فأنا أعلم من نفسي تمام العلم أني لا أسوى شسع نعل أحدهما فكيف أغمطهما؟ عليهما سحائب الرحمات، ولكن هل يلزم من توقيرهما وعرفان فضلهما ادعاء عصمتهما من الخطأ فيما قالاه أو نقلاه؟

غفر الله لي ولك

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير