تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(القول الثالث: أن المؤثر التام يستلزم وجود أثره عقبه،لا معه في الزمان، ولا متراخيا عنه، وهذا قول أهل السنة إستنادا الي قولهم بجواز تسلسل الحوادث في الماضي، لکنهم لا يقولون بقدم شئ من المحدثات المخلوقات. و قد أستدلوا بقول الله عز و جل"إنما قولنا لشئ ..... الآية"،فيلزم حدوث کل ما سوي الله،لأنه مسبوق بوجود التأثير، ليس زمنه زمن التأثير کما تقول الفلاسفة، و لا متراخيا عنه بحيث يعطل الرب من الفعل فترة کما تقوله المتکلمة، و لهذا يقال طلقت المرأة فطلقت و أعتقت العبد فعتق و کسرت الاناء فأنکسر، فالطلاق والعتق و الانکسارعقب التطليق و العتق و الکسر).أنتهي کلام الامام ابن تيميه. و القول الان للغصن، نقلا من شرح الطحاوية لإبن أبي العز کما يقول د. الغصن: (و بعد هذه الجولة السريعة في مبحث التسلسل: يتبين لنا أن التسلسل عند أهل السنة و الجماعة ينقسم إلي ثلاثة أقسام:

التسلسل الواجب فهو: ما دل عليه العقل و الشرع من دوام أفعال الله تعالي في الأبد، و أنه کلما أنقضي لأهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيما آخر لا نفاد له، و كذلك عذاب أهل النار. و کذلك التسلسل في أفعاله -سبحانه - من جهة الاولية و الازل، و أن کل فعل له -سبحانه - فهو مسبوق بفعل آخر قبله.

التسلسل الممکن: فهو في مفعولاته في طرف الازل کما تتسلسل في طرف الابد، فإن الله إذا لم يزل حيا قادرا مريدا متکلما، و ذلك من لوازم ذاته، فالفعل ممکن له بوجوب هذه الصفات له).أنتهي. أولا: کلامه، أن القارئ بعد هذه الجولة السريعة في مبحث التسلسل يتبين له أنه ينقسم الي ثلاثة أقسام، غير صحيح. أما بالنسبة لي فلم يتبين ما تبين له. و ثانيا أقول:

إن ابن تيميه يقول بأن المؤثر التام يستلزم وجود أثره عقبه مباشرة، التطليق عقب الطلاق و الانکسار عقب الکسر مباشرة. فإن کان الفعل"التطليق و الکسر" واجبا کان المفعول"الطلاق و الإنکسار" واجب الوقوع. و إن کان الفعل"التطليق و الکسر" جائزا کان المفعول جائزا. أي يستحيل تقسيم التسلسل إلي واجب في الفعل و جائز في المفعول. هذا کلام ابن تيميه. و لکن لاحظوا ماذا يقول هذا الرجل، أي الغصن، بعد نقل کلام الامام و الذي معناه واضح جدا. يقول أن التسلسل ينقسم الي واجب و جائز. هذا تناقض، ومن جهة أخري يتبين أنهم لا يتبعون إمامهم. و لو أنا و أنت قلنا: لا نتبع الامام ابن تيميه في هذا القول أو ذاك، للقبونا بالمبتدع و الجهمي و المعطل .... الخ. حسبنا الله و نعم الوکيل. و الان أنظروا کيف يتخبط تخبط الاعمي عندما يريد أن يوضح التسلسل الواجب بمثال نعيم أهل الجنة:

( .... دوام أفعال الله في الابد، کلما أنقضي لاهل الجنة نعيم أحدث لهم نعيما آخر). لاحظوا کلمة"نعيم" هي علي وزن فعيل مثل قتيل، و هذا من المفعولات و ليس من الافعال. هنا جعل المفعول واجبا. هذا ما لا يقولون به هؤلاء، و إنما يصرون علي أن المفعول جائز و التسلسل في المفعول جائز. و إن قيل: د. الغصن يقول بأن إحداث النعيم واجب و "الإحداث" فعل الله. الجواب هو: دخول النعيم في الوجود يتبع "الإحداث" حتما کما يقول إمامه ابن تيميه.و ليس لهؤلاء الخروج من هذا التناقض إلا بترك تقسيم التسلسل الي واجب و جائز. فإن لم يفعلوا فليهنؤا بهذا التناقض في إعتقادهم. ثم يقول الغصن: (و کذلك التسلسل في أفعاله -سبحانه -من جهة الاولية ..... الخ). لاحظوا: أنه لم يأت و لا بمثال واحد، علما بأن افعال الله من جهة الاولية، و بالتالي مفعولاته هي موضوع هذا الفصل من کتابه. لأنه لا و لن يتمکن من أن يأتي بمثال واحد.

و قوله عن التسلسل الممکن بأنه هو في مفعولات الله قول ساقط لا ينخدع به أحد، بعد أن جعل المفعول"نعيم أهل الجنة" واجبا بذکره له في القسم الواجب من التسلسل، و بأستشهاده بکلام الامام ابن تيميه المذکور أعلاه. هؤلاء الکتاب لا يشرحون أنواع التسلسل لأنهم يعرفون التناقض الذي يقعون فيه. و هذا ما حصل لکاتبنا في أول خطوة عندما أراد أن يأتي بمثال عن الفعل و المفعول. لاحظوا أيضا إستشهاده بکلام الامام ابن تيميه قبل أن يتکلم عن أنواع التسلسل، و لکن عند وصوله الي أنواعه إستشهد بکلام ابن أبي العز. لماذا؟ لأن الامام ابن تيميه لم يقل بتقسيم التسلسل، حسب إعتقادي، و إلا من المستحيل أن يأتي بکلام شخص آخر و يترك کلام الامام، خصوصا و کتابه کله هو عن ابن تيميه. هذا لا يعني بأنه لو کان هذا التقسيم للتسلسل الي واجب و جائز من الامام ابن تيميه قبلناه، کلا، لا يقبل هذا التخبط من أي إنسان. أنا، بالنسبة لي، لا أقبله حتي من والدي.

دليلهم هذا کان منتفخا من التناقض، فلا عجب أنه أنفجر في وجوههم. و لو لم يکن هناك دليل واحد علي بطول القول بحوادث لا أول لها إلا تناقضهم هذا لکان کافيا. و هؤلاء الکتاب و الدکاترة يدرکون ذلك تمام الإدراك، لذلك لا يشرحونه. أنا فعلت عکس ما فعلوا في مداخلاتي، و بالله التوفيق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير