قال في "مفاتح الغيب" عند تفسير قوله تعالى: ?وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؟ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (4) ?: ((المسألة الثالثة: قوله "قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ " يدلُّ على أحكام:
الحكم الأول: أنَّ الاستهزاء بالدِّين كيف كان كفراً بالله. وذلك لأَنَّ الاستهزاء يدلُّ على الاستخفاف والعمدة الكبرى في الإيمان تعظيم الله تعالى بأقصى الإمكان والجمع بينهما محال.
الحكم الثاني: أَنَّه يدلُّ على بطلان قول من يقول، الكفر لا يدخل إلاَّ في أفعال القلوب.
الحكم الثالث: يدلُّ على أَنَّ قولهم الذي صدر منهم كفرٌ في الحقيقة، وإِنْ كانوا منافقين من قبلُ، وأَنَّ الكفر يمكن أَنْ يتجدَّد من الكافر حالاً فحالاً.
الحكم الرابع: يدلُّ على أنَّ الكفر إِنَّما حدث بعد أنْ كانوا مؤمنين)).
23. علاء الدِّين مسعود بن أحمد الكاسانيّ (الحنفيّ). ت:587هـ
(((فصل). وأما بيان أحكام المرتدِّين فالكلام فيه في مواضع، في بيان ركن الرِّدَّة، وفي بيان شرائط صحَّة الرُّكن، وفي بيان حكم الرِّدَّة أما ركنها، فهو إجراء كلمة الكفر على اللسان بعد وجود الإيمان، إذِ الرِّدَّة عبارة عن الرجوع عن الإيمان، فالرجوع عن الإيمان يسمى رِدَّة في عُرْفِ الشرع)) (1).
24. فخر الدِّين حسن بن منصور الفرغان (الحنفيّ). ت:592هـ
قال في "الفتاوى": ((رجل كفر بلسانه طائعاً و قلبُه على الإيمان يكون كافراً ولا يكون عند الله تعالى مؤمناً)) (1)
25. أبو الفرج عبد الرحمن بن عليٍّ ابن الجوزيّ. ت:597هـ
((والسَّادس: أَنَّ عبد الله بن أُبَيّ، ورَهْطاً معه، كانوا يقولون في رسول الله وأصحابه ما لا ينبغي، فإذا بلغ رسول الله ? قالوا: إِنَّما كنَّا نخوض ونلعب، فقال الله تعالى: ?قل? لهم ?أَبِالله وآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُم تَسْتَهْزِؤون?، قاله الضحَّاك. فقوله: ?ولئن سألتهم? أي: عمَّا كانوا فيه من الاستهزاء ?لَيَقولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ? أي: نلهو بالحديث. وقوله: ?قَدْ كَفَرْتُمْ? أي: قد ظهر كفركم بعد إظهارِكم الإيمان، وهذا يدلُّ على أَنَّ الجدَّ واللعِبَ في إظهار كلمة الكفر سواء)) (2).
26. جلال الدِّين عبد الله بن نجم بن شاس (المالكيّ). ت:616هـ
((وظهور الرِّدَّة إمَّا أنْ يكون بالتَّصريح بالكفر، أو بلفظٍ يقتضيه، أو بفعلٍ يتضمَّنه)) (3).
27. برهان الدِّين محمود بن أحمد بن مازه (الحنفيّ). ت:616هـ
قال في "المحيط": ((من أتى بلفظةِ الكفر مع علمِه أَنَّها لفظةُ الكفر عن اعتقاده فقد كفر، و لو لم يعتقد أو لم يعلم أَنَّها لفظة الكفر ولكن أتى بها عن اختيار فقد كفر عند عامَّة العلماء ولا يُعْذَر بالجهل (1) …ومن كفر بلسانِه طائعاً وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان فهو كافر ولا ينفعه ما في قلبه)) (2).
28. عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسيّ (الحنبليّ). ت:620هـ
قال عن المرتدِّ: ((يفسد صومه، وعليه قضاء ذلك اليوم، إذا عاد إلى الإسلام. سواء أسلم في أثناء اليوم، أو بعد انقضائه، وسواء كانت رِدَّته باعتقاده ما يكفر به، أو بشكِّه فيما يكفر بالشكِّ فيه، أو بالنُّطق بكلمة الكفر، مستهزئاً أو غير مستهزئٍ، قال الله تعالى: ?وَلئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ؟ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (3) ?. وذلك لأن الصَّوم عبادة من شرطها
النِّيَّة، فأبطلَتْها الرِّدَّة، كالصَّلاة والحجِّ، ولأَنَّه عبادةٌ محضة. فنافاها الكفر، كالصَّلاة)) (1).
¥