تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على ذلك الأصل ثم قال الثاني أي من الستة الأدلة للقائلين بعدم الفناء أن القرآن دل على ذلك دلالة قاطعة فإنه تعالى أخبر أنه عذاب مقيم المائدة 37 وأنه لا يفتر عنهم الزخرف 75 وانه لا يزيدهم إلا عذابا وأنهم خالدين فيها أبدا وأنهم وما هم بخارجين من النار البقرة 167 وما هم منها / صفحة 118 / بمخرجين وإن الله حرم الجنة على الكافرين وأنهم لن يدخلوا الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وإن عذابها كان غراما الفرقان 65 قال والجواب ان هل كله مسلم وأنهم لا يخرجون منها وأنه لا يفتر عنهم العذاب ما دامت باقية وليس محل النزاع إنما محل النزاع لا تفنى النار قال وهذه النصوص تقضي بخلودهم في النار ما دامت باقية هذا جوابه واقول قد عرفت أنه لا يتم هذا الجواب ما لم يؤخذ بأدلة ناهضة على فناء النار ولم يقم دليل على ذلك قال الطريق الثالث من أدلة القائلين بعدم فناء النار أن السنة / صفحة 119 / المستفيضة أخبرت بخروج من في قلبه ادنى ذرة من إيمان دون الكفار فأحاديث الشفاعة كلها صريحة في خروج الموحدين دون الكافرين قال الجواب أن هذا لا شك فيه وهو إنما يدل على ما قلناه من خروج الموحدين فيها وهي باقية ويبقى المشركون ما دامت باقية واقول الجواب ما سلف ثم قال الطريق الرابعة للقائلين بعدم فناء النار أوقفنا الرسول على ذلك وعلمناه من دينه ضرورة كما علمنا دوام الجنة وأجاب بأنه لا ريب أن الكفار باقون فيها ما دامت باقية هذا هو المعلوم من دينه ضرورة وأما كونها أبدية لا تفنى كالجنة فمن أين في القرآن والسنة دليل واحد على ذلك واقول الدليل يتوجه على من ادعى الفناء ولم يأت شيخ الإسلام بشئ واحد والأصل هو خلود النار وأبديتها عمرو كما دل عليه الكتاب والسنة فلا يحتاج مدعي عدم الفناء إلى دليل آخر بعد هذا الأصل قال والدليل الخامس من أدلة القائلين بفناء النار أن في عقائد / صفحة 120 / أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان لا يفنيان ابدا والقول بفنائها من أقوال أهل البدع قال والجواب أنه لا ريب أن القول بفنائها قول أهل البدع وأما القول بفناء النار وحدها فقد اوجدناكم من قال به من الصحابة وتفريقهم بين الجنة والنار فكيف تقولون إنه من قول أهل البدع وأقول لأنه يصدق عليه رسم البدع

ص 120:

ففي القاموس البدعة بالكسر الحدث في الدين بعد الإكمال أو ما أحدث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال انتهى والمعلوم انه لم يقع في ذلك العصر قول بفناء النار ودخول الكفار جنات تجري من تحتها الأنهار ولا أوجدنا شيخ الإسلام مع تبحره في العلوم وسعة اطلاعه على أقوال السلف والخلف على قول واحد من الصحابة بفناء النار ودخول الكفار الجنات وإن كان كذلك فالقول به بدعة قطعا قال والدليل السادس للقائلين بعدم فناء النار أن العقل يقضى بخلود / صفحة 121 / الكفار ثم قرر وجه الاستدلال بما حاصله أنه مبني على أن المعاد وإثابة النفوس المطيعة وعقوبة النفوس العاصية مما يعلم بالعقل كما يعلم بالسمع قال كما دل عليه القرآن في غير موضع كإنكاره تعالى على من زعم أنه يخلق خلقه عبثا وانهم إليه لا يرجعون وأنه يتركهم سدى لا يثيبهم ولا يعاقبهم وأن ذلك يقدح في حكمته وكماله وأنه ينسبه إلى ما لا يليق ثم قرره تقريرا آخر وأجاب عنه بقوله واما حكم العقل بتخليد اهل النار فيها فإخبار عن العقل بما ليس عنده فإن المسألة من المسائل التي لا تعلم إلا بخبر الصادق ثم إن العقل دل على المعاد والثواب والعقاب إجمالا وأما تفصيلا فلا يعلم إلا بالسمع وقد دل السمع على دوام ثواب المطيعين واما عقاب العصاة فدل دلالة قاطعة على انقطاعه في حق الموحدين وأما دوامه وانقطاعه في حق الكفار فهو من معترك النزال فمن كان السمع في جانبه فهو أعلم بالصواب قلت وهو تحقيق حسن إلا أني لا أدري من الذين قالوا إن العقل حكم بخلود العصاة في النار فإن اشد الناس بهم الوعيدية والمعتزلة إلا القليل وأكثرهم قائلون بأن العقل يقضي بحسن العفو / صفحة 122 / عن الكفار لولا ورود السمع بان الله لا يغفر أن يشرك به هذا وقد انتهت المناظرة التي ساقها ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام بين الفريقين ومن له نباهة وهو من أولي الألباب لا يخفى عليه بعدما قررناه وجه الصواب ثم ساق شيخ الإسلام من الأدلة على مدعاه فقال مستدلا إن الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير